رؤية ورأي

اختلال في لائحة معادلة الشهادات

تصغير
تكبير

في بداية الأسبوع الجاري، اتصل بي أحد معارفي الأعزّاء، مستغرباً ومنزعجاً من الاختلال في تعامل الحكومة مع الشهادات الجامعية الخارجية. ومن باب المثال، أشار إلى حالتين من الانحراف عن المتوقّع. وأنا بدوري، أوضحت له حيثيات ومبرّرات الحالة الأولى، فاقتنع. واتفقت معه على غرابة الحالة الثانية، ووجوب معالجتها عاجلاً من قبل وزارة التعليم العالي.

الحالة الأولى، كانت بشأن التناقض في موقف الحكومة من بعض الجامعات الخارجية العربية. حيث إن الحكومة تحظر على الكويتيين الدراسة في تلك الجامعات، وفي الوقت ذاته تستقطب مهنيين يحملون درجات علمية ممنوحة من هذه الجامعات للعمل لديها. فعلى سبيل المثال، في نوفمبر الماضي أصدرت وزارة التعليم العالي قراراً بإيقاف تسجيل والتحاق الطلبة الكويتيين في التخصصات الطبية في مجموعة من الجامعات العربية، ولكن وزارة الصحة مازالت إلى اليوم تستقطب أطبّاء عرباً من خريجي الجامعات نفسها.

فأوضحت للمتّصل العزيز أن سبب قرار الإيقاف، هو شكوى من وزارة الصحة من ضعف المهارات الاكلينيكية لدى جُل خريجي الجامعات المشمولة في القرار، وأن القرار صدر بعد أن تحقّقت وزارة التعليم العالي من عدم كفاية الجرعات التدريبية والعملية في البرامج الأكاديمية التي اجتازها الخريجيون. وأمّا الأطبّاء العرب الذين تتعاقد معهم وزارة الصحة، فهم غالباً من أصحاب الخبرة أو من خريجي برامج أكاديمية – مخصّصة لمواطني بلد الجامعة – تتضمن ساعات كافية من التدريبات والممارسات الاكلينيكية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن دولاً خليجية أخرى تصدّت أيضاً لإشكالية البرامج الدراسية المصمّمة لفئة معينة (من حيث الجنسية مثلاً) من الدارسين. فعلى سبيل المثال، نجد أن وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية حظرت الدراسة في هذا النمط من البرامج الدراسية، حيث شملته ضمن قائمة «أساليب وأنماط الدراسة في الخارج التي لا يمكن أن تتم معادلة الشهادة المتحصلة عليها».

وبالنسبة للحالة الثانية من الاختلال، فهي عدم معادلة وزارة التعليم العالي الشهادة الجامعية الكندية التي يحملها أحد أقارب المتصل، وهو من حاملي الجنسية الكندية، رغم أن هذه الشهادة صالحة في كندا وفي غيرها من الدول المتقدّمة، فضلاً عن كون تصنيف هذه الجامعة الكندية أعلى من تصنيف جامعات محلية معتمدة لدى الوزارة.

منشأ هذا الاختلال هو الإفراط في تسليط الضوء على الخريجين المواطنين والمقيمين في الكويت وتجاهل حاجة الكويت لخريجين مهنيين من ذوي الخبرة من خارج الكويت. لذلك نجد أن الجامعات المعتمدة لمعادلة الشهادات العلمية هي ذاتها الجامعات المعتمدة للإيفاد في بعثات دراسية.

هذا الاختلال في «لائحة معادلة الدرجات العلمية ما بعد الثانوية العامة الصادرة من خارج الكويت» – المنشورة في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم» بتاريخ 10/ 2/ 2019 – انكشفت جسامته بعد صدور قانون (78) لسنة 2019 بشأن حظر استعمال الشهادات العلمية غير المعادلة، حين حاول عشرات الآلاف من المقيمين المهنيين في سوق العمل، معادلة شهاداتهم العلمية التي حصلوا عليها من جامعات في بلدانهم.

لذلك، الحكومة جمّدت القانون، بالامتناع عن إصدار لائحته التنفيذية، منذ نوفمبر 2019 إلى اليوم، من دون معارضة نيابية مؤثّرة. لأن مجلس الأمّة كان مشغولاً ومنهمكاً بالصراع السياسي.

واليوم، بعد احتواء مظاهر هذا الصراع، ومن أجل ضبط جودة الشهادات العلمية في الكويت، نأمل أن تُطوَّر وتُعدَّل أسس وشروط وضوابط تقييم ومعادلة الشهادات العلمية ما بعد الثانوية العامة الصادرة من خارج الكويت، بما يسمح بمعادلة الشهادات العلمية الصادرة من مؤسسات تعليمية غير مدرجة في قائمة المؤسسات والبرامج المعتمدة للبعثات الدراسية، فقط لمن لديه خبرة مزاولة المهنة في جهة معتبرة «خارج الكويت» ويحمل رخصة مزاولة المهنة صادرة من جهة رصينة... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي