قيم ومبادئ

الأذواق المريضة

تصغير
تكبير

الجَمال صفة تُلحظ وتستحسنها النفوس السوية، وما كان الوجه جميلاً إلّا للتناسب بين أجزائه، وما كان الصوت جميلاً إلّا للتناسب بين نغماته، ولولا التناسب بين حبات العقد ما افتُتِنت به النساء... ولولا التناسق في أزهار الرياض ما هامت به قرائح الشعراء...

إن كثيراً من الناس يستحسنون الأنف الصغير في الوجه الكبير والعنق الطويل في الجسم الصغير وابتسامة هوليوود على الشيخ الفاني (!) والعجوز الشمطاء (!).

أولئك هم أصحاب الأذواق المريضة الذين يتكلفون الشيء وليس بهم داعٍ له سوى حب الظهور، والصبوة غير لائقة بـ(اشيمط زان وعائل مستكبر) فهؤلاء تصدر أفعالهم وأفعالهم مشوهة غير متناسبة ولا متلائمة مع وضعهم النفسي والمعيشي والدليل أنك تجدهم يضحكون مما يُبكي ويبكون مما يُضحك ويرضون مما يُغضِب ويغضبون مما يُرضي ويضعون الهزل في موضع الجد والجد في موضع الهزل، وليس كل مجنون يرجى شفاؤه ولا كل مريض يرجى برؤه كذلك ليس كل من فسد ذوقه يُرجى صلاحه لأنه يرى المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟

وعليه، تجد القاتل يقتل وفي اعتقاده أن الشرف في أن ينتقم لنفسه أو عِرضه بإراقة الدم المعصوم ولا يبالي أن يسميه القانون بعد ذلك مجرماً لأن بيئته علمته القتل للشرف؟

ويفسق الفاسق وفي اعتقاده أنه نفض عن نفسه رتابة العادات والتقاليد الاجتماعية وأنه استطاع أن يعمل عملاً لا يقدم عليه إلا كل صاحب شجاعة أدبية!

ويسرق السارق ويزوّر المزوّر ويخون الخائن وهم يعتقدون أن الشرف في المال والجاه والمنصب، هكذا يتصور الأدنياء أنهم شرفاء وما أفسد عليهم تصورهم إلا الذين أحاطوا بهم من الخلطاء، ولا تعجب إن سمعت ورأيت جماعة الأغنياء الجهلاء تنعكس في رؤوسهم صور الحقائق حتى تلبس ثوباً غير ثوبها فلا يفرقون بين الرذيلة والفضيلة حتى أنه ليفخر بالأولى ويتحسر من الثانية... ولا شرف إلا الشرف الحقيقي وهو الذي يناله الإنسان من أي موقع كان، فالعالِمُ شريفٌ لأنه يجلو صدأ العقول البشرية والمجاهد في سبيل الدفاع عن أرضه الإسلامية شريف لأنه يحمي مواطنيه، والحاكم العادل شريف لأنه ظل الله في الأرض ويحمي المستضعفين والصانع والتاجر والزارع أشراف متى كانوا أمناء في أعمالهم مستقيمين سريرتهم.

وأخيراً،

نقولها إلى اللاهثين وراء المال إنك بالمال تشتري الطعام لكنك لا تشتري معه الشهية وتشتري منزلاً فارهاً ولا تشتري أُسرة مستقرة، وتشتري مرافقين وناخبين ولا تشتري أصدقاء، وتشتري الكتب ولا تشتري العلم والأخلاق والسلوك، وتشتري الدواء ولا تشتري معه الشفاء.

هذه حياة المشاهير والأذواق المريضة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي