تُعرض فوق خشبة مسرح «نقابة العمال»

«البيت المقلوب»... ملامسة كوميدية للقضايا الاجتماعية والسياسية

تصغير
تكبير

رغم بساطة وجمال قصة مسرحية «البيت المقلوب» التي ألّفها أحمد فارس، إلا أن مضمونها العميق الغني بالقضايا التي تمت مناقشتها فوق خشبة مسرح «نقابة العمال» منحتها أهمية قصوى جداً، وهو الأمر الذي يحرص عليه دائماً الفنان الدكتور طارق العلي في جميع مسرحياته التي يقدمها على مرّ السنوات.

وتأتي المسرحية الاجتماعية الكوميدية «البيت المقلوب» من إخراج ناصر البلوشي ومدير إدارة الإنتاج رائد حسن ومن إنتاج شركة «فروغي» للمنتج عيسى العلوي، حاملة في مضمونها الكثير من القضايا الاجتماعية الشائكة التي تعاني منها الكويت على الأصعدة كافة، كالفساد بشتى أنواعه وغيرها. كما لم تخلُ من الإسقاطات السياسية التي من شأنها أن تحكي عن لسان المواطن، منها قضية تخاذل بعض أعضاء مجلس الأمة وعدم البرّ بقسَمهم تجاه الوطن والمواطن والقيام بواجبهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بعض الوزراء الذين تقاعسوا عن القيام بواجبهم، إذ لم يتوان العلي عن طرحها ومناقشتها وفق أسلوب كوميدي ساخر، وهو الذي يتميز فيه مسرحه منذ سنوات طويلة. أيضاً، لم تخلُ المسرحية من التطرق إلى بعض القضايا السياسية.

صراع العائلات

المسرحية تدور قصتها حول عائلة «سرور» المكونة من طارق العلي (سرور)، هبة العبسي (أم غضبان)، وفيصل السعد (غضبان)، وعائلة «عاشور» المكونة من محمد عاشور (أبو عاشور)، إيمان العلي (أم عاشور) وسلطان العلي (عاشور) وعبدالله العلوي (خالد)، وعائلة «بوشحقه» المكونة من ناصر البلوشي (بوشحقه) وشهد سلمان (أم شحقه) ونورة العميري (شحقه)، إلى جانب كل من شخصية الدلال (سعفان) الذي جسّد دوره إسماعيل سرور، وشخصيتي عريف الحفل و«السكران» صديق غضبان الذي جسّده خالد بوصخر، وشخصيتي مدير الأعمال و(أبيض القلب ناصع) التي جسّدها محمد الوزير.

في بداية الفصل الأول، نشهد صراعاً بين العائلات الثلاث على أحقية البيت الذي تقطنه عائلة «سرور» بالإيجار، بعد أن يتضح وقوع كل من عائلتي عاشور وأبو شحقه ضحية النصب العقاري، ومن هنا تأخذ الأحداث بالتصاعد، لتطرح وتناقش في كل مشهد قضية ما.

المايسترو عزف مقطوعته

وكان واضحاً بشكل جليّ، التناغم الكبير ما بين نجوم المسرحية، إذ حصل كل واحد منهم على فرصته في إثبات نفسه فوق خشبة المسرح، ما جعلهم يلمعون ويستحقون التصفيق.

بالنسبة إلى الفنان طارق العلي، فهو «ملك مسرح الكوميديا»، والذي يعرف تماماً كيفية اللعب في هذا الموقع، فكان كعادته ذلك المايسترو الذي يقوم بإدارة وتأليف مقطوعة مسرحية ذات نغم وشجن، وفي الوقت ذاته تلامس الفكر وتصيب الهدف مباشرة.

أما إسماعيل سرور، فقدم أداءً احترافياً، مستنداً إلى خبرته الطويلة في هذا المجال، ما أضفى نكهة مميزة على العمل ككل، في حين استطاع محمد عاشور خطف الأضواء وإثبات مهاراته في (اللعب الكوميدي) طوال العرض، إذ كان واضحاً اتسامه بسرعة البديهة واقتناص الفرص في خلق مشهد كوميدي من دون تحضير مسبق. وكذلك الحال بالنسبة إلى خالد بوصخر، إذ شكل ثنائيات جميلة ناجحة مع البقية، ولم يتوان عن (الفرش) لهم، ما ساهم في خلق مباراة كوميدية جميلة.

كما لا نغفل عن العودة الرائعة لنورة العميري فوق خشبة المسرح، فاستطاعت ببراعتها إعطاء الدور حقه. أما الموهبة الشابة هبة العبسي، التي أكدت امتلاكها الحس الكوميدي، واستحقاقها للفرصة التي قدمت لها من المخرج البلوشي والفنان طارق العلي والمنتج عيسى العلوي. في حين أن شهد سلمان كان حضورها واضحاً، وهو الأمر غير المستغرب تماماً كونها ضليعة في ملعب الكوميديا الدرامي.

وتأتي إيمان العلي التي تخوض تجربتها الأولى بهذا المضمار، إذ لم تقلّ في مستواها عن بقية زملائها، وكان واضحاً ثقتها بنفسها وتمكنها من أدواتها، فاستطاعت مجاراة من أمامها رغم خبرتهم الأكبر في المسرح الكوميدي.

ومنها ننتقل إلى سلطان العلي، النجل الأصغر لطارق، الذي وقف منذ صغره فوق الخشبة وقدم أدواراً متنوعة، حتى لو كانت صغيرة في حينها، ثم غاب فترة من الزمن عن المسرح ليعود مجدداً ويثبت أنه ما زال يمتلك الموهبة والرغبة في التميّز. أما محمد الوزير، الذي يعمل في مجال المسرح منذ سنوات طويلة، ورغم صغر دوره، إلا أنه تمكن من شدّ الجمهور له واستحق التصفيق، وهو ما فعله أيضاً الطفل عبدالله العلوي الذي يعمل جاهداً ليكون له اسم لامع في عالم المسرح.

إنقاذ موقف... ناجح

جاءت مشاركة مخرج المسرحية الفنان ناصر البلوشي، كممثل في العمل كإنقاذ موقف، وذلك بعد أن تعرّض الفنان شعبولا لوعكة صحية ألمّت به وجعلته طريح الفراش حتى هذه اللحظة. فاستطاع بخبرته الطويلة في مجال المسرح أن يقدم الشخصية بالشكل المطلوب، من دون أن يُشعر الجمهور بوجود نقص أو خلل في ميزانها العام.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي