مُخرج المسلسل تحدّث عن عوامل عدة في نجاحه

مؤمن الملّا لـ «الراي»: منى واصف كانت الضوء في «أغمض عينيك»

مؤمن الملا
مؤمن الملا
تصغير
تكبير

«أغمِض عينيك» من الأعمال المهمة التي كان هناك إجماع حولها، وهو عمل اجتماعي إنساني للمخرج مؤمن الملّا وشاركتْ في بطولته مجموعة من نجوم سورية وفي مقدمهم منى واصف وأمل عرفة وعبدالمنعم عمايري وفايز قزق وغيرهم.

الملّا تحدث عن ظروف نجاح هذا المسلسل وعن وضع الدراما السورية والقفزة النوعية التي حققتْها في الموسم الرمضاني 2024.

• بعد سلسلة من أعمال البيئة، أخرجتَ هذه السنة العمل الاجتماعي الإنساني «أغمض عينيك». لماذا اخترتَ هذا النوع وهل أتتْ هذه الخطوة في الوقت المُناسِب بعد انحسار الأضواء عن أعمال البيئة؟

- بعد نجاحٍ استثنائي لأعمال البيئة الشعبية، وهو نوعٌ لاقى جمهوراً كبيراً وتم تقليده عبر عشرات الأعمال، أعتقد أنه تم استنزاف هذا النوع ولم يَعُد بمقدورنا تقديم حكايا جديدة، فكان لا بد من نقلة نوعية واستهداف لون آخَر يحقق الجذب الجماهيري ويقدّم جرعةَ حب ووجداناً وقيمة يتأثر بها كل من الفرد والعائلة والمجتمع، فكان «أغمض عينيك».

• حقق هذا المسلسل نجاحاً لافتاً لا يمكن إلا التوقف عنده، فما أكثر ما حمّسك على إخراجه وهل ترى أنه أوصل رسالته؟

- لعل أحد أهمّ أسباب نجاح هذا العمل هو الحالة الوجدانية العالية الناتجة عن دفء العلاقات والشخصيات، إضافة إلى تناول العائلة والعلاقات العائلية بطريقة عميقة حقيقية قلما نراها في الدراما. أضِف إلى ذلك التعاطف الكبير من الجمهور مع قضية التوحّد بالطريقة التي تم طرحها في المسلسل والتي بطريقة أو بأخرى استطاعت أيضاً إيصال فكرة مهمة جداً تدور حول اختلاف جميع البشر ووجود مشاكل في التواصل لدينا جميعاً وليس فقط عند ذوي التوحّد. والمسلسل قدم الحل الوحيد وهو الحب غير المشروط.

• هل ترى أن الدراما السورية حقّقت نقلة نوعية هذه السنة؟ ومع أن الجمهور العربي أقبلَ عليها ولكن كان هناك انتقاد لها من صنّاع الدراما السورية؟

- من الواضح جداً أن الدراما السورية تخطو خطوات ناضجة إلى الأمام وتحمل ميزةَ التنوع. فكل عمل له شكل ومحتوى مختلف عن الآخَر بالرغم من كل ما يمكن أن نتفق عليه أو نختلف عليه.

• أيهما أهمّ: رأي النقاد أو رأي الجمهور؟

- الرأيان معاً بشكل مؤكد. ولكن على النقاد والجمهور محاولة التحلّي بدرجة أكبر من الموضوعية، ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أن كل نوع له جمهوره. فمَن تستهويه أعمال الأكشن والعنف، لن يجذبه عمل اجتماعي يطرح قضيةً ما، والعكس صحيح. كما أتفق مع النقاد الذين يسلطون الضوء في جميع هذه الأعمال على القيمة والرسالة التي يريد العمل أن يخدمها.

• هذه السنة كان لافتاً حضور نجوم سورية في الدراما المحلية، فكم شكّل هذا الأمر عنصراً مساعداً في نجاحها وكيف تتحدث عن حضور منى واصف في «أغمض عينيك»؟

- تَكاتَفَ أبطال العمل عبدالمنعم عمايري، أمل عرفة، فايز قزق، أحمد الأحمد، حلا رجب، وفاء موصلي وغيرهم من أجل تقديم جرعة دفء وحب فقدتْها الدراما منذ سنوات، وأتت القديرة منى واصف وأضافت دفئاً مُضاعَفاً بحضورها الأخاذ وبراعتها في تقديم شخصية «أم رجا»، الأم المسنّة الحنونة التي تجسد المرأة السورية الحاملة لكل الهموم وكل الحب والجاهزة لجميع التحديات من أجل حماية أحد أبنائها. وهي أضاءت كل مَشهد تكون جزءاً منه وأضافت له قيمة عاطفية وإنسانية كبيرة جداً.

• هل نحن في زمن الدراما الاجتماعية؟

- الدراما الاجتماعية في كل زمن لها الحضور الأكبر بسبب قدرتها الكبيرة على التنوع وبسبب قربها من الواقع المعيشي للناس بقسوته وإشكالياته وكذلك بجماليته. لكن هذا لا يمكن أن يلغي أهمية الأنواع الأخرى، إنما صادف هذا العام وبشكل عفوي أنه تم التركيز على الدراما الاجتماعية، ما جعلنا ندرك كم هي قادرة على التأثير في مَشاعر الجمهور ومدى حاجته إليها.

• ما رأيك بالعنف الذي يسيطر على الدراما هذه السنة؟

- من الصعوبة بمكان أن نحيط بأسباب تبنّي العنف بالنسبة للعديد من الأعمال هذا الموسم، لكن من الممكن التفكير ببعض الأسباب وبينها على سبيل المثال لا الحصر، أولاً، لأنه من أسهل الطرق لتحقيق الإثارة ولفْت النظر، وبالتالي نحن أمام جهد أقل يقع على عاتق صنّاع هذه الدراما في بناء الحكايات والصراعات التي تقوم على أسباب أخرى بعيدة عن العنف والدم والجريمة والدعارة.

ثانياً، لأنه أحد أهمّ الأنواع في صناعة الدراما في العالم، لكن تقديمه من دون تحديد رسالة واضحة وعِبرة للمتلقي هو مشكلة حقيقية. وفي النتيجة، إن سيطرة العنف على غالبية منتجاتنا الدرامية يقودنا للتفكير ملياً والبحث عن موضوعات كثيرة ومتوافرة إن كان في الأدب العالمي أو العربي لتقديم حكايا قريبة من الواقع مهما كان مؤلماً، لكنها لا تخلو من الجمال والعمق لينعكس ذلك بشكل كبير على تأثيرها الإيجابي على المُشاهد بعيداً عن حكايا وشخصياتٍ المطلوبُ منها صناعة تريند عبارة عن فقاعة تنتهي بانتهاء العمل من دون تقديم أي فائدة للجمهور.

وفي «أغمض عينيك»، قدمنا شخصية أبو رجا (فايز قزق) التي استلهمناها من أحد أبطال فيودور دوستويفسكي من رواية «في قبوي»، كذلك قدّمنا شخصية زوربا (أحمد الأحمد) المستلهمة من رواية «زوربا» لنيكوس كازانتزاكيس ولكن عبر بيئتنا السورية.

• هل ترى أننا في زمن أفول الدراما المشتركة ولاحقاً التركية المعرّبة؟

- لا أعتقد أن الدراما المشتركة ستنتهي أبداً. هي ظهرت نتيجة ظروف موضوعية وستستمرّ وتعمل على تطوير شكلها ومحتواها. أما الأعمال التركية المعرّبة، فستستمر إلى حين ظهور نوع يشكل عامل جاذب أكبر عند المتلقّي، وعندها يمكن الحديث عن تَراجُع محتمل لهذه الدراما.

• ما أهمّ عمل درامي عربي يستحق أن يقال عنه إنه الأول هذه السنة؟

- في رأيي الدراما السورية خطت خطواتٍ ناضجةً وجريئةً، ومن الظلم اعتبار أن عملاً ما هو الأول. ومن وجهة نظري لا يحق لأحد ما أن يقيّم ويطرح ما هو أفضل عمل لأنه في كل عمل هناك ميزة هامة وحالة إشكالية خاصة، من دون إغفال أن ليس من المنطقي أو العادل إعطاء لقب أفضل أو أسوأ عمل بتقييمٍ عام، فكل عمل هذا الموسم، من سوري إلى مشترك إلى مصري إلى خليجي، كان له حضورٌ كبير بين الجمهور وبطريقةٍ مختلفة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي