No Script

رأي قلمي

حركة الإنسان اليومية...!

تصغير
تكبير

‏يحتاج الإنسان كي يبقى على شيء من حيويته إلى أن يعيش بين مجموعة من التناقضات. هذه التناقضات تمثل الهوة الفاصلة بين الموجود والمطلوب. والجميل في هذا أن المسلم يفعل كل ذلك وهو يشعر بالفرح والسرور، لأن ذلك يرضي الله - تعالى - ويشعره بالنجاح في مغالبة المثبطات والملهيات، وهذا هو المشروع الوحيد الذي يستنفد العمر دون أن ينجز، ومن ثم صاحبه لا يشعر بشيء من الفراغ، بل يشعر أن المطلوب أكثر من الموجود.

المشكلة في هذا أن كثيراً من الناس انحسر لديه مفهوم العبادة ليقتصر على بعض الشعائر، وبعضهم لم يحسن توزيع أنشطته بشكل جيد على كل جوانب مشروعه. ومنهم من فقد الفاعلية المطلوبة لتجسيد المبادئ في واقع ملموس.

إنّ الصراع من أجل تحقيق هدف سامٍ يعني وجود مسوغات للوجود. والإنسان الصادق مع نفسه يكون في صراع دائم من أجل تحقيق أهدافه، بل إنه لا يجد نفسه، ولا يحسّ بفعاليته إلا من خلال هذا الصراع، وقد كان شهر رمضان أفضل وقتاً لنجاح ذلك الصراع في تحقيق أغراضه.

غالبية الناس وضعت خطة إستراتيجية لشهر رمضان لتحقيق أهداف عدة منها: الروحاني الإيماني، الثقافي، الصحي، الاجتماعي، وغيرها. ولنجاح ذلك الصراع في تحقيق أغراضه لا بد أن تكون حركة الإنسان اليومية عبارة عن انشغال لا صلة له بداخل الإنسان، بمعنى أن يكون صراعه عبارة عن استثمار مثمر لطاقاته الداخلية، واستجابة لكينونته الذاتية. كما أنه لا بد أن يكون شعور الإنسان أن ذلك الصراع يلبي أشواقه الروحية نحو الخلود والاستمرار الأبدي، وأن تكون أهداف صراعه غير قابلة للنفاد والاستنزاف مهما طال الزمن، وعظم العمل في سبيل تحقيقها.

وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال العبودية لرب العالمين والسعي إلى الفوز برضوانه ودار كرامته، وأفضل بيئة لتحقيق ذلك الصراع هو شهر الرحمات، وإثبات العبودية لرب العباد.

وعلى كل حال فإن المسلم هو الإنسان الوحيد القادر اليوم على الانشغال بمشروع عظيم متناسق مع معتقده ورؤيته الكونية، لا تقل لم يبق شيء من شهر البركات وابدأ من اليوم بتصور لمشروعك العظيم ونفذه بعد عرضه على قدراتك وإمكاناتك ونقاط قوتك، وضاعف أجورك في شهر ليس كمثله شهر، شهر العطايا والرحمات، شهر المغفرة والعتق من النيران، شهر ميّزه الله عن بقية الشهور، فيه أُنزل القرآن، وفُرض الصيام، لا تفوتك الأجور بشهر الكنوز. فلنجعل وداعه فرحاً وسروراً بتنفيذ أعظم مشروع على وجه الأرض.

M.alwohaib@gmail.com

‏mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي