منذ أكتوبر عام 2023م وليومنا هذا، وهناك حرب ودمار في بقعة عربية وهي غزة، لكن الأخبار تتداول ما يجري وكأنها أحداث عادية، رغم أن عدد من استشهد من أهل غزة ما يُقارب من 31 ألف إنسان مسلم والجرحى بالآلاف، والدمار شامل للبنية التحتية، وتشرد بشري ودمار لأملاك الناس، الذين لا ذنب لهم بما يحدث من طوفان الأقصى.
نحن هنا نتحدث عن حرب شعواء وليس مباراة لكرة قدم، وديننا الإسلامي قدّم لنا أهم ثلاث آيات في أصول الحرب والسلم، الآية الأولى: «وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ». والآية الثانية: «وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ». والثالثة «وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».
وهي آيات من كتاب الله لا تحتاج إيضاحاً من مُفسرين وشيوخ دين، بمعنى الأمر الأول و«وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوة». الأول، لتلافي الخطر القادم يفترض أن تستعد وتعد العدة للحرب وذلك للحفاظ على جنودك وعلى المواطنين الآمنين، والأمر الثاني «أمرُهم شُورى» وهو التشاور مع الناس، خصوصاً إذا قرّرت المواجهة فمشورة الناس وإعلامهم ضرورة، والأمر الثالث، هو أن تسعى لوقف الحرب متى ما وجدت أن استمرارها خطر أكبر، والرسول، صلى الله عليه وسلم، في بداية الدعوة وكان المسلمون قلة وفي ضعف عقدَ صُلح الحديبية مع المشركين لمدة عشر سنوات.
والتاريخ الحديث يروي أثناء الحرب العالمية الثانية راح هتلر، يحتل الدول الأوروبية دولة بعد دولة بالحرب أو بالاستسلام حتى سيطرت ألمانيا على أوروبا بأكملها، ولم تتبق إلا إنكلترا وهي جزيرة، وكان على رئيس الوزراء وهو تشرشل، إما أن يستسلم أو أن يحارب، هنا لم يترك الأمر هكذا إنما كان في نية تشرشل الحرب، لكن هو مُلزم ببرلمان يمثل الشعب، فيجب أن يرجع إليه، وفعلاً رجع للشعب وتم التصويت إما الاستسلام أو الحرب، وكان التصويت بجلسة صاخبة لصالح الحرب والمواجهة، وهذا الذي حدث، وبعدها تم أخذ الاحتياطات للحرب، الرجال يذهبون للقتال والنساء يخرجن من بيوتهن للمصانع، والأطفال وكبار السن تم الإخلاء إلى الأرياف لحمايتهم وجهزت الملاجئ للمدنيين.
نعود لموضوعنا، ما يحدث في غزة ليس فيلماً سينمائياً عنوانه «لا حرب في غزة»، إنما حرب حقيقية وقودها الأبرياء من المسلمين، فهل «حماس» وهي تيار إسلامي قد التزمت بما جاء في كتاب الله...؟. طبعا لا، فلا شعب يعلم بما سيجري فلم تتم استشارته ولا جهزت ملاجئ للمدنيين ولا حلفاء معها، ولا أخلت الأطفال والنساء لدولة عربية مجاورة كمصر، لهذا ابتعدت عن ما جاء في كتاب الله وعن أصول الحرب.
والجمهور العربي الذي يتابع ما يحدث لم يعد لمنهج الإسلام واتخذ معنى حديث (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) وهو قول لا يعني انصر أخاك لو كان ظالماً إنما انصح أخاك، لهذا ما يجري من أحداث جعلت العقلاء في صمت مُطبق، ولو كان لهم رأي ليس رأي العامة العاطفي لوصف كل رأي مُعارض بالمُتصهين والمُنافق، وأي قناة تنقل بعض الحقائق لتم وصفها بالعبرية، وراحت أرواح البشر خصوصاً الأبرياء بين هذا وذاك وقوداً لمعركة بين طرفين ميزان القوى بينهما كبير جداً، لهذا راح العدو الصهيوني يكشف للعالم وجهه القبيح يوماً بعد يوم.
والآن، بعد طوفان الأقصى ماذا جنينا كعرب وكمسلمين، دمار للبلاد والعباد في غزة، وصواريخ عبثية من جنوب لبنان شرّدت ما يُقارب 100 ألف لبناني من قراهم، ومسيرات عبثية من الحوثي ساهمت بجلب كل الأساطيل الأجنبية للبحر الأحمر وأثرت على مصر اقتصادياً حيث انخفضت رسوم مداخيل قناة السويس بنسبة 40 في المئة.
سألني صديق لماذا لا تكتب تغريدات عن ما يحدث في غزة؟، قلت له لو كتبت لتلقيت كماً من الشتائم والتعليقات السلبية لكوني أقول الكلام الصريح الذي لا يتوافق مع ما يكتب ويريده العامة.
عموماً نتمنى أن تنتهي هذا الحرب في أقرب وقت ممكن لحفظ أرواح البشر الأبرياء.