No Script

«رغم قسوة العملية... ما أثلج صدرونا كفريق طبي كويتي هو إنقاذ حياة الشاب»

الدكتور حسين القويعان يروي لـ«الراي» مشاهداته في غزة: بكيتُ وأنا أجري جراحة لبتر ساق جريح

تصغير
تكبير

- منذ بداية العدوان أبديتُ رغبتي بالمساعدة بما يتوافق مع القانون وعبر القنوات الرسمية
- عايشنا الخطر فقد كنا نتنقل بسيارات الإسعاف التي لم تسلم من قصف العدو
- طيران العدو لا يغادر سماء غزة وكان هناك قصف وتفجير لمنازل قرب مقر إقامتنا

أكد استشاري جراحة العظام الدكتور حسين القويعان، العائد من قطاع غزة ضمن الوفد الطبي لجمعية الهلال الأحمر الكويتي، أن «الوضع على أرض الواقع في قطاع غزة مأسوي، في ظل مواصلة الكيان الصهيوني استهداف وقتل المدنيين، من دون هوادة أو رحمة، ومشاهد الدمار التي تنتشر في كل مكان مع تدمير نحو 80 في المئة من المنشآت».

وتطرّق القويعان، في حوار مع «الراي» إلى بعض جوانب الرحلة، وكواليس أول عملية أجراها الوفد الطبي الكويتي، والأوضاع التي يعيشها النازحون في مدينة رفح، معتبراً أن «معاناة أهل غزة لا توصف بسبب الوضع المتدهور على نحو غير مسبوق».

الرغبة والبداية

• من أين بدأ موضوع الرحلة؟

- منذ بداية هجوم الكيان الصهيوني على قطاع غزة بعد طوفان الأقصى بتاريخ 7 أكتوبر الماضي، تواصلت مع الهلال الأحمر الكويتي وقتها، وأبديت استعدادي للذهاب إلى أي مكان لمساعدة الأشقاء في قطاع غزة، ولكن الصورة حينذاك لم تكن واضحة. غير أنه سنحت لي الفرصة أن أكون على متن الطائرة الرابعة من الجسر الجوي الكويتي لإغاثة أهل غزة إلى مطار مدينة العريش المصرية، وعليه فإن الرغبة في تقديم يد العون والمساعدة للأشقاء في غزة موجودة، منذ وقوع العدوان الصهيوني، كما هي موجودة في قلب كل كويتي وكل حر في العالم.

• كيف شاركتَ في الرحلة؟

- تمت الموافقة على المشاركة في الرحلة، لأنني كما ذكرت، كنت قد أبديت استعدادي للمشاركة في أي عمل لتقديم المساعدة والعون للأشقاء في غزة، بما يتوافق مع القانون وعبر القنوات الرسمية، وقد تكللت هذه المساعي ولله الحمد بالمشاركة في الوفد الطبي لجمعية الهلال الأحمر الكويتي، المكون من الدكتور محمد جمال والدكتور فيصل الهاجري والدكتور محمد شمساه والدكتور حسين القويعان، وممثل عن الهلال الأحمر الكويتي، ورئيس للوفد هو الدكتور مساعد العنزي وعبدالرحمن الصالح.

داخل غزة

• هل يمكن أن تطلعنا على بعض التفاصيل من بعد دخول الوفد إلى الأراضي الفلسطينية؟

- دخل الوفد عبر معبر رفح، ومنه الى مقر إقامة الفريق، وهو عبارة منزل صغير يبعد نحو 10 دقائق بالسيارة من المعبر، وفي الصباح تم توزيعنا على المستشفيات العاملة هناك، وكان المتاح المستشفى الأوروبي والمستشفى الكويتي التخصصي. وقد ذهبت والزميلين الدكتور محمد شمساه والدكتور محمد جمال إلى المستشفى الأوروبي الذي كانت تتوافر فيه 6 غرف عمليات، غير أن هناك قوائم كبيرة من المصابين. فيما ذهب الدكتور فيصل الهاجري الى المستشفى الكويتي التخصصي، وفيه غرفتان للعمليات.

• كيف كان يتم تأمين انتقالكم إلى المستشفى؟

- عن طريق سيارة الإسعاف إذ ليس هناك سبيل آخر. ومع ذلك، فالأمر ليس آمناً، فحتى سيارات الإسعاف والمستشفيات، تم قصفها مرات عدة، في مخالفة لكل المواثيق والعهود الدولية.

• كيف كان الوضع الميداني أثناء تواجدكم؟

- الطيران الحربي للعدو يواصل التحليق بين ساعة وأخرى، وكذلك أصوات الطائرات المسيرة التي لا تتوقف، حيث كان هناك قصف وتفجير لمنازل بالقرب من مقر إقامتنا، وهناك حديث متزايد عن احتمالية الدخول البري الى رفح.

بتر وإنقاذ

• ماذا عن العمليات الجراحية التي قام الفريق الطبي الكويتي بإجرائها؟

- أعلن ممثل الهلال الأحمر الكويتي في الرحلة مساعد العنزي، أن الفريق قام بإجراء 23 عملية جراحية، في المستشفى الأوروبي أو في المستشفى الكويتي التخصصي. وقد أجريت في مجال تخصصي عدداً من العمليات، كان أبرزها تقديم اللازم لشاب في مقتبل العمر مصاب بكسور وتفتت ساقه اليمنى، وقد أجريت له عملية كانت قاسية.

• لماذا كانت قاسية؟

- هذه كانت أول حالة أقوم بإجراء جراحة لها خلال الرحلة، وكانت لشاب بعمر 17 عاماً، كان مصاباً بكسور وتفتت تام في الساق اليمنى، وكسر في الساق اليسرى جراء انفجار صاروخ بالقرب منه. وقد تم تقديم العلاج اللازم له، حيث أجريت عملية بتر للساق اليمنى من منطقة الفخذ لإنقاذ حياته. ورغم قسوة العملية، حيث كانت عيناي تدمعان أثناءها، غير أن ما أثلج صدرونا كفريق طبي كويتي هو إنقاذ حياة الشاب، لأننا كنا الفريق الوحيد المتواجد في المستشفى لحظة وصول الشاب، بسبب الإنهاك والضغط الكبير للكوادر الطبية العاملة هناك.

• كيف كانت حالة الشاب بعد العملية؟

- لله الحمد تم إنقاذ حياة الشاب بعد تقديم التدخلات الطبية اللازمة، وكان بحال جيدة بعد العملية.

18 شهيداً للاشتباه بوجود أسير

وصف الدكتور حسين القويعان الأوضاع التي عاينها في غزة بأنها «مأسوية بكل ما تعنيه الكلمة، حيث هناك تدمير شامل لكل مناحي الحياة في قطاع غزة، 80 في المئة من المنشآت مدمرة، ومشاهد التخريب والدمار في كل مكان، وكل الأماكن تحت السيطرة النارية للكيان الصهيوني، والقصف الجوي لا يتوقف، والطائرات المسيرة على مدار الساعة، واستهداف وقتل المدنيين متواصل من دون هوادة أو رحمة، وصدق قول الله سبحانه وتعالى (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقُبوا فيكم إلّا ولا ذِمَّة)».

وروى واقعة تتمثل بـ«استهداف مخيم للاجئين راح ضحيته 18 شخصاً، لمجرد الاشتباه بوجود أسير إسرائيلي في المخيم، إذ إن استهداف المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى لا يتوقف، فالعدو يرتكب يومياً مجازر بلا رحمة».

عزة نفس لا تُضاهى

أكد القويعان أن «أهل غزة لديهم عزة نفس ليس لها مثيل، فرغم العوز والحاجة لم يطلب أحد منه طوال مدة الرحلة فلساً أو ديناراً... تجدهم صابرين محتسبين، رغم قسوة ما أصابهم، ومن أمثلة الصبر وقوة التحمل مواصلة الكوادر الطبية النازحة إلى رفح عملها، رغم أن منهم من فقد أهله ودمر بيته، لكن ذلك لم يمنعه من أداء رسالته».

نازحون ينامون على الأدراج

اعتبر القويعان أن «معاناة أهل غزة لا توصف بسبب الوضع المتدهور على نحو غير مسبوق، وليس بأدل على ذلك من نوم النازحين من مختلف الفئات العمرية على درج المستشفى وفي الممرات، والحالة المزرية التي عليها أوضاع النازحين في المدارس وفي مختلف مخيمات اللاجئين».

متطلبات ملحة

أشار القويعان إلى أن «الوفد حمل معه بعض المستلزمات الطبية إلى جانب بعض المواد الغذائية المحدودة من جانب الهلال الأحمر الكويتي، كالطحين والزيت وغيرها من المواد، حيث يعد من بين أبرز المتطلبات الملحة للأشقاء في غزة».

جهود حثيثة

ثمّن الدكتور حسين القويعان الجهود الحثيثة للهلال الأحمر الكويتي في الإعداد للرحلة، والتنسيق مع نظيريه المصري والفلسطيني، متقدماً بالشكر لجميع الجهات التي سهّلت عمل الفريق ودخوله إلى الأراضي الفلسطينية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي