ربيع الكلمات

مرض العنصرية ... هل عاد؟

تصغير
تكبير

لا أدري مَن الذي يقف خلف إثارة الإشاعات التي تضرب بالوحدة الوطنية بين فترة وأخرى؟

لدينا الكثير من القضايا والأولويات التي يجب أن نعمل عليها بجد واجتهاد بدل الحديث عن الوافدين أو التشكيك بولاء بعض المواطنين، عندنا شباب يريدون فرص عمل، لدينا فجوة كبيرة بين الخريجين وسوق العمل إن لم تعالج بطريقة صحيحة ستتسبّب بكوارث لا قدّر الله، وأكثر دول الجوار بحاجة للوافد ولكن لا تجد عندها أحاديث عنهم أو التشكيك بولاء المواطنين، وعاقب القانون من يثير مثل هذه الأخبار والأحاديث.

قبل فترة كانت هناك دعوات من البعض تطالب بالتضييق على الوافدين بحجة توفير الوظائف، ولا يعرف أو يفقه ماذا سيحدث نتيجة هذا التضييق، ستكون هناك اختلالات على مختلف المجالات مثل التعليم والصحة والأعمال الحرفية، ونحن بحاجة إلى معالجات وخطط بعيدة لعلاج مشكلة التركيبة السكانية، وليس استخدام أسلوب الصدمات أو التعامل بعنصرية، وهل تعلم أن أكثر من 700 ألف وافد هم تحت بند العمالة المنزلية، ويشكّلون أكثر من 20 في المئة من نسبة الوافدين؟

وما يحصل هذه الأيام أمر غريب وعجيب وهو بعد أن تم التعالي على الوافدين وانتهينا من ذلك بدأنا نأكل في بعض ونشكك بولاءات الناس لدرجة أصبحت أحاديث الدواوين وحتى أطفال المدارس، تخيل بسبب هذا الضغط لو قرّرت مجموعة كبيرة من الوافدين مغادرة البلد والتوجه إلى البلدان التي بجوارنا بحثاً عن الرزق، كيف سنقوم بسد هذه العجوزات، وفعلاً تواصل معي أحد الأشخاص وقال إنه يعرف كثيراً من الوافدين أصحاب الشهادات العليا على وشك التوجه لدول الجوار بسبب الضغوط اليومية التي تمارس عليهم، لذلك لو استمر الوضع فنحن أمام مجموعة من الأزمات.

وضع النقاط على الحروف هو الذي يمكننا من رؤية حقائق الأمور، العنصرية مرض يجب التخلص منه، التشكيك بولاء الآخرين والنظر للناس بازدراء وانتقاص دليل على قلة سنع ومرض داخل بعض النفوس سواءً كانت صغيرة أو كبيرة ، المال نعمة يجب أن نحمد الله عليها حتى يعطينا المزيد ، ولكن وجود هذا المال لدينا لا يعطينا تفوقاً وميزة واستعلاء على الآخرين أو الانتقاص من قدرهم، الذين بنوا هذا الوطن عانوا كثيراً من أجل توفير لقمة العيش الكريمة لهم ولأسرهم، وبعضهم سافر إلى بلدان بعيدة بحثاً عن لقمة العيش ولم يرجع.

وقبل أكثر من 30 عاماً شكل أهل الكويت صورة جميلة من صور التلاحم والتعاضد في سبيل الوطن، وأزالوا كل الفوارق التي كانت بينهم، وذابوا في بوتقة الوطن الحبيب، مجسدين ومصورين عزيمة الشباب في أجمل تمثيل، والذي اختلط فيه دم جميع شرائح المجتمع، مبتعدين عن جميع أشكال الانتقاص من الآخرين ولكن كان التعاون من أجل مصلحة الوطن. وهي ذكرى طيبة تستحق أن نتذكرها كل عام لنأخذ منها العِبرة، وهو أجمل موقع ومتحف موجود على تراب هذا الوطن الحبيب.

إنّ وحدة الشعب الكويتي تجاه ما حصل قبل 34 عاماً تدعونا للوحدة والتضامن والتعاون والمحبة، والذي راح ضحيته أكثر من ألف شهيد وأسرى وخسائر مالية لا تقدر، ونهب للممتلكات، وفي ظل تلك الأيام العصيبة ظهر معدن أهل الكويت، وذابت كل الفوارق الطبقية والمذهبية والقبلية والعائلية في التضحية للكويت، وفي منظر من التسامح والمحبة نتمنى ألا نفقده في المقبل من الأيام، لأن ما قدمه شهداء الكويت من تضحيات أمثولة في وجه كل من يريد أن يعبث بوحدتنا الوطنية كائناً من كان، وهذه الدماء الزكية ستظل نبراساً للمستقبل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي