أضواء

بوشنل طيار أميركي محبط من جيش بلاده

تصغير
تكبير

يتباهى الصهاينة وهم يتحدّثون عن القاسم التاريخي المشترك بين نشأة كيانهم الصهيوني ونشأة الولايات المتحدة الأميركية. فهم كما يدعون يهود استوطنوا فلسطين هرباً من الاضطهاد الديني لهم في أوروبا، كما عانى منه المسيحيون الأوروبيون وكان سبباً في فرارهم إلى أميركا الشمالية حيث أقاموا فيها دولتهم.

يريد الصهاينة من ذلك تبرئة ساحتهم من جرائم التصفية والقمع التي ارتكبوها ضد سكان فلسطين العرب، والتي لا تختلف عن الجرائم التي ارتكبها المستوطنون الأميركان ضد السكان الأصليين من الهنود الحمر والتي أدت إلى موت عشرات الملايين منهم ولم يتبقَ منهم إلّا القليل.

وما دام الأميركيون يتباهون بتاريخ نشأة بلادهم، فمن حقهم كيهود مستوطنين أن يتباهوا بتاريخ استيطانهم الدموي وإقامة كيانهم في فلسطين. وكحقيقة تاريخية، فإن يهود أوروبا وعلى مدى قرون لم يفكروا في الهجرة إلى فلسطين هرباً من الاضطهاد وآثروا العيش فيها، حيث لا يوجد مبرّر ديني يدعوهم إلى ذلك، حتى جاء وعد بلفور 1917، كمشروع استيطاني سمح لهم إقامة وطن لهم في فلسطين لخدمة مصالح بريطانيا في المنطقة، مدعوماً بضغوط وتوصيات من الإنجيليين البروتستانت الذين يستعجلون عودة المسيح بشرط إقامة دولة يهودية في فلسطين.

وعلى عكس الكاثوليك الذين يرفضون مثل هذه الترّهات من الإنجيليين حيث يرى الكاثوليك اليهود أعداءً للمسيح ولا يستحقون الاستيطان في فلسطين مسقط رأس المسيح عليه السلام، وقد خاضوا حروبهم الصليبية من أجل انتزاع فلسطين من أيدي المسلمين وإلحاقها تحت وصايتهم.

قد لا تستغرب من أن الرئيس الأميركي بايدن، كاثوليكي متصهين، إذا علمت أن تمسكه بالثقافة الصهيونية مجرد لعبة سياسية من أجل التكسّب الانتخابي ومغازلة اليمينيين الإنجيليين وكذلك اليهود الصهاينة الذين لا يترددون في دعم حملته الانتخابية بسخاء. ولعل تأييده لمواصلة حرب إبادة سكان غزة المحاصرين تفسّر شقاوته الصهيونية، الأمر الذي لا ينفع معه إدانة المتظاهرين والمثقفين والمفكرين وبعض الساسة حرب الإبادة ومطالبتهم له بوقفها.

الأخطر هو ما تكشّف لاحقاً من تورّط جيشه بشكل مباشر مع الصهاينة في حرب الإبادة، وهو ما دفع الطيار الحربي بوشنل، إلى الشعور بالإحباط من جيشه العظيم الذي تضاءل فجأة في عينيه، وفقد سمعته كجيش غير منضبط، لا يتقيد بقواعد الحرب مخترقاً بذلك اتفاقية منع الإبادة البشرية، كما شعر بالتعاطف مع الفلسطينيين ومع مقاتليهم الذين يدافعون ببسالة عن أرضهم، ولم يتردد في أن يعبّر عن إحباطه هذا بإشعال النار في جسده وهو يصيح «فلسطين حرة».

مات بوشنل، محترقاً محتجاً أمام السفارة الصهيونية في واشنطن، وأصبح ظاهرة احتجاجية غير مسبوقة، فضحت جرائم الجيش الأميركي وجيش الصهاينة، لا يمكن لوسائلهم الإعلامية التكتّم عليها بعد أن تلقفتها وعلى نطاق عالمي واسع مواقع التواصل الاجتماعي.

لعل أغنية الراب الأميركية الحديثة ذائعة الصيت «United Sugar - Daddy of America» خير معبّر وبطريقة ازدرائية عن التعاون الصهيو- أميركي في حرب الإبادة على غزة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي