No Script

مجرد رأي

الله الوطن الأمير

تصغير
تكبير

بادئ ذي بدء، يتعيّن التأكيد على أن حل مجلس الأمة حق دستوري لصاحب السمو أمير البلاد، لا ينازعه فيه أحد ولا يفترض من الجميع إلّا السمع والطاعة.

أما تفصيلياً فإن مسبّبات المرسوم تستحق التوقف أمامها مليّاً وإعادة النظر في مفهوم الديموقراطية وممارساتها السليمة التي كان يتعيّن على الجميع الالتزام بها.

فمرسوم الحل الذي حمل الرقم 16 لسنة 2024، نص على أنه «بعد الاطلاع على الدستور وعلى المادة 107 منه، وبناءً على ما بدر من المجلس من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة تقرّر حل مجلس الأمة».

وهنا يتوجب أن يكون الحديث مسؤولاً ومنفتحاً وموجهاً من العقل إلى العقل باعتبار أن مضمونه يتعلّق بمستقبل الكويت وسط الاستحقاقات التنموية المؤجلة وما تمر به المنطقة من أزمات وجودية.

فلا بد من تكاتف جميع السلطات من أجل دعم البلاد وتقوية مركزها ومصداتها الحمائية التي تبدأ من الداخل أمام التحديات الاستثنائية التي تحيط بنا من كل حدب وصوب.

الدستور، سور الكويت، وعلى الجميع احترامه وعدم القفز عليه تحت شعار الديموقراطية لأنه إذا تمادى البعض في تطبيق الديموقراطية وفقاً لمفهومها فلن يكون أمامنا إلا مزيد من التأخر والدوران للخلف وهنا الفخ الذي يتجاهل مخاطره البعض.

مرسوم الحل هو رفض أميري بالمساس بالثوابت الدستورية، وإعادة المجلس إلى الممارسة الصحيحة للديموقراطية لمزيد من الازدهار.

من يتذكّر جيداً خطاب صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في 22 يونيو 2022، والذي حل خلاله مجلس الأمة وقتها يعي جيداً أن سموه أعطى إشارات واضحة لمسار السلطتين وعدم رضاه على أولوياتهما مع الإشارة صراحة إلى أهمية الاستفادة من الفرصة لإعادة رسم الطريق الذي تستحقه الكويت، وهذا ما أكد عليه سموه مجدداً في النطق السامي بعد أداء سموه اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.

لكن من الواضح أن البعض لم يفهم إشارات الطريق الواضحة التي تستهدف تصحيح المسار، وبعضهم فهمها جيداً لكنه قرّر تجاوزها، كمن وجد نفسه في سباق منفلت من أي إشارات لضبط السرعة فغلبه التطلع للفوز بغض النظر عن مخالفته معايير ضمان سلامة الطريق له وللوطن.

فكان القرار الأميري إن صح التعبير بمثابة العلاج من مرض مزمن عنوانه العريض الاصطدام المتجدد بين السلطتين في وقت كان الأولى التكاتف من أجل المصلحة العامة، ما يؤكد أن صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح، لا يريد إضاعة المزيد من الوقت.

البداية الفاعلة لتصحيح المسار كانت بإعادة تشكيل حكومة جديدة برئيس توافق عليه الجميع، بل كان مطلباً نيابياً شعبياً منذ سنوات طويلة.

وبدلاً من استغلال الفرصة الذهبية في دفع الكويت للأمام بتحالف السلطتين أصرّ البعض على جر البلاد إلى المتاهة مجدّداً بالسير للخلف مدفوعين بوقود الصدامات غير المستحقة.

الخلاصة:

جاء مرسوم حل مجلس الأمة بمثابة الكي الذي لم يكن أحدٌ يتمناه، لكن للأسف من الواضح أنه بات مستحقاً وسط التجاوزات غير المستحقة من البعض وإضاعتهم بوصلة الأولويات التي خلت نيابياً في جوهرها ومسوغات مشاريعهم ما ينتظره الشعب وتوقعه منهم.

لم يفت الأوان لإعادة النظر في واقعنا بإجراء مراجعة نقدية لما حدث على أن تشمل جميع مكونات الشعب الكويتي الذي سيشارك في صناعة مستقبله من خلال اختيار ممثليه للمرحلة المقبلة، على أمل أن يكون اختياره المقبل هو الحاكم وضمانته لمستقبل زاخر بالتنمية يتمناه بعيداً عن النظرة الضيقة التي تقودها المصالح الشخصية.

الكويت تستحق من الجميع التكاتف في هذه المرحلة الحرجة للخروج من عنق الزجاجة السياسية والتنموية لأخرى جديدة مستحقة يغلب عليها التلاحم من أجل صناعة التنمية الحقيقية التي تمس انعكاساتها الإيجابية كل المواطنين بجدواها وليس بوضع العصا في الدواليب بسبب ومن دون سبب يستحقه هذا العناد.

وهذا لا يعني تحميل النواب مسؤولية ما يحدث منفردين، فكلنا مسؤولون وأولنا الشعب الذي يملك صلاحية حُسن الاختيار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي