No Script

إطلالة

نرفض بصمة المُعلّمين!

تصغير
تكبير

كنتُ مع مكانة المعلمين والمعلمات منذ بداية أزمة الكادر المالي لهم، وذلك تقديراً لمكانتهم العظيمة بين المجتمع، واليوم بعدما انتهينا من الكادر الخاص للمعلمين والمعلمات، وتم إقراره كقانون صادر من مجلس الأمة وحضورنا الاحتفال الذي قامت به جمعية المعلمين الكويتية تكريماً للدور الصحافي الذي قمنا به قبل إقرار قانون زيادة الرواتب وبعد إقرار الكادر الخاص للمعلمين والمعلمات تقديراً للجهد الكبير في تعليم أبنائنا الطلاب والطالبات ووجوب تحسين وضعهم المادي والمعنوي، واليوم بعد كل هذا المشوار الطويل بدأنا نسمع عن القرار الجديد لوزارة التربية حول تطبيق نظام البصمة الجديد في جميع المدارس على المعلمين والمعلمات رغم أنهم ليسوا بحاجة إلى بصمة لإثبات حضورهم طالما هم يتحمّلون مسؤولية تعليم وتربية أبنائنا في المدارس بشكل يومي منذ تأسيس التعليم النظامي في الكويت، ناهيك عن وجود المسؤولين عنهم مثل مدير المدرسة ووكيل المدرسة، بالإضافة إلى وظيفة نائب مدير المدرسة.

فإذاً هناك من يدير المدرسة في كل يوم من المعلمين وطلبة من دون الحاجة إلى وجود بصمة تثبت وجود المعلمين والمعلمات وهذا الحال قائم ومستمر منذ عشرات السنين، وبالتالي لا أجد الحاجة أو الضرورة للحديث عن بصمة المدارس؟!

ولماذا نشغل المعلم والمعلمة في أمور خارجة عن مهنة التربية والتعليم طالما هذا الروتين متبع منذ بداية التعليم في الكويت؟، والسؤال هنا: هل إلزام المعلم والمعلمة بتطبيق البصمة سيطور التعليم مثلاً، أم أن مدير المدرسة ومساعديه ليسوا على قدر من المسؤولية الإشرافية؟

ففي الحقيقة لا ألوم المعلمين عند تنفيذهم الاعتصام الاحتجاجي قبل ثلاثة أيام والذي يحمل عنوان: «كرامة معلم»، فالمعلم في النهاية له كرامة وتقدير ومكانة عظيمة لا نستطيع نكرانها أو التقليل من قيمتها أو نرد جميل صنائع التدريس في قرار جديد يهدم تاريخه ويقلل من شأنه ومن ثم الاتيان بقرار قد يهضم من حقوقه الوظيفية أو واجباته تجاه مهنة التدريس، فمهنة المعلم هي مهنة شاقة جداً وتتميز بمهنية عالية لا يجيدها الآخرون، لذلك، من حق المعلمين والمعلمات الاعتراض على القرار المتسرع ورفض فكرة دخول نظام البصمة حيز التنفيذ كإثبات حضور من دون دراسة مستفيضة.

لذلك، انقسمت الآراء بينهم بين مؤيد ومعارض لهذا التوجه، وبالتالي هذا الانقسام بين المعلمين قد يؤدي إلى ضعف وضياع مستوى التعليم في الكويت، وقد يساهم في إهدار الوقت الثمين المقرر للطلاب والطالبات، فلا يمكن مقارنة هذا الأمر بأي حال من الأحوال في حالات فردية لا تلتزم بالدوام المدرسي ولديها حالات غياب مثلاً، والسؤال هنا: هل نحن فكرنا في أسباب الازدحام المروري الذي نشاهده ونعاني منه في كل يوم، وما الحلول المناسبة لهذه الأزمة المرورية؟!

إن أحد أسباب الازدحام المروري هو توجه موظفي الدولة إلى مقار أعمالهم في وقت واحد في الصباح، ومازالت الدولة أو الحكومة تبحث عن حلول ترقيعية لتخفيف حدة الزحمة المرورية، وبالتالي إلزام جميع الهيئة التعليمية من معلمين ومعلمات وطاقم إداري في التوقيت نفسه سيفاقم نسبة الازدحام الصباحي إضعافاً مضاعفة لأن الامر عندئذ سينطبق على جميع كوادر المدارس دون استثناء، ثم من الخطأ أن نقيس مستوى العملية التربوية والتعليمية في عملية الحضور والانصراف، فما هكذا تُقاس نسبة إنتاجية المعلم في حضوره من دون الالتفات إلى إبداعاته في فن التدريس والتعامل مع الطلبة وكيفية إيصال المعلومة لهم، والأمر كذلك يسري إلى بقية موظفي الدولة في جميع القطاعات والمؤسسات الحكومية في الكويت.

وفي هذا الصدد، لاحظنا اختلاف الآراء النيابية حول بصمة المعلمين حيث انقسمت آراء النواب بين مؤيد ومعارض، إذ رأى المؤيدون أن النهوض بالتعليم في البلاد بحاجة إلى تضافر الجهود ورفع مستوى العملية التعليمية، بينما في الواقع أن النهوض بالتعليم ورفع مستوى التعليم في الكويت يعتمد قرار المجالس التعليمية نحو رفع مستوى التعليم بجميع مراحله التعليمية وصولاً إلى التعليم العالي، فإذا كان هناك تراجع في عملية تطوير نظام التعليم في الكويت فيجب ألا يكون على حساب بصمة حضور المعلمين، وإنما على عدم وضع اإطار العام للسياسات والخطط اللازمة لتطوير التعليم على جميع المراحل التعليمية وعدم متابعة تنفيذها، فضلاً عن غياب الإشراف على خطط وبرامج اعداد وتنمية القوى البشرية وعدم تنفيذها بالشكل الصحيح، وكذلك عدم تهيئة سبل التفوق وغياب التنافس العلمي بين الطلاب والدارسين والباحثين.

فما نريد قوله إن مشكلات التعليم العام لم تتوقف، ويرجع أسبابها إلى قلة المعرفة وتدني مستوى المهارات، المعلم أو المعلمة عن مهنة التعليم وغياب أدوات القياس والتقييم الدوري لأداء النظام التربوي في الكويت وغيرها من أسباب متعددة، ففي النهاية إصلاح نظام التعليم والتغلب على مشاكله واجب وطني على الهيئة التعليمية، وللقضاء على الظواهر السلبية لجودة التعليم ليس بالحرص على بصمة حضور وانصراف المعلمين والمعلمات لأنها تزيد من أعبائهم الوظيفية والضغط النفسي حيث طبيعة مهنة التدريس مختلفة كلياً عن الآخرين.

ورغم ذلك، شاهدنا التزام أكثر من 90 ألف معلم ومعلمة في بصمة الحضور، ألا يعني أن هناك التزاماً منذ اليوم الأول من القرار، ولكن كان الرفض فقط لاستعجالها قبل إقرار الهيكل التنظيمي للوزارة.

لذلك، نناشد وزارة التربية وفي مقدمتهم وزير التربية د. عادل العدواني، التراجع عن تطبيق البصمة على المعلمين والمعلمات حتى وإن كانت تجريبية في المرحلة الحالية، حتى لا نربك الميدان التربوي وسط هذا الزحام المروري الشديد في الصباح، فلا أحد يستطيع نكران مهنة التعليم كونها مهنة شاقة وتتطلب الرأفة للمكانة العالية لمهنة المعلم، فهل وصلت الرسالة؟!

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي