No Script

ألوان

غزة وجنوب أفريقيا

تصغير
تكبير

لم تطلب غزة العزة أي نجدة، إلا ان جنوب افريقيا انتفضت لنجدة غزة في جرأة لم تبادر بها أي دولة في العالم حين قامت برفع دعوى قضائية في محكمة العدل الدولية في لاهاي الهولندية، وهو أمر قام بعمل زلزال دولي فاجأ العالم بشكل عام والدول الغربية المساندة للكيان الصهيوني بشكل خاص.

ويبدو ان الأثر الطيب للمناضل الراحل نيلسون مانديلا، ما زال ينبض في عروق شعب جنوب افريقيا الذي لا يشبهنا لا في الدين ولا اللغة ولا الثقافة، إلا انه يتطابق معنا في صبره على الاحتلال والعنصرية لعقود من الزمن، ولم يجد من يماثله معاناة إلا الشعب الفلسطيني.

ورغم أن ياسر عرفات، كان على علاقة وثيقة مع مانديلا، ورغم رحيلهما عن عالمنا إلا ان جذوة الثورة ومحاربة الظلم والاضطهاد له اكثر من أسلوب ومنه الأسلوب الديبلوماسي عبر أروقة ومنظمات تابعة للأمم المتحدة.

ان الفرق بين نيلسون مانديلا وياسر عرفات، هو عندما قرر كل منهما ترك المواجهة المسلحة والاتجاه نحو السلام، هو ان العالم الحر وقف مع مانديلا ضد نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا عبر العقوبات والضغط الاقتصادي والسياسي والإعلامي والرياضي إلى ان تم تحرير بلده، بينما وقف العالم الحر ضد ياسر عرفات، مع نظام الاحتلال والفصل العنصري الصهيوني إلى ان تم قتل عرفات على يد الصهاينة واتباعهم من المقربين من عرفات، حيث مات مسموماً ليستمر القتل والتنكيل بهذا الشعب إلى يومنا هذا على يد الكيان الصهيوني وبعض «المناضلين» العرب!

إنها المرة الأولى التي يجد فيها الكيان الصهيوني نفسه منبوذاً من قِبل الكثير من دول العالم بصورة رسمية وبصورة فيها من المجاهرة، بل امتد هذا الرفض ليصل حتى إلى بعض المؤسسات والافراد الذين يعيشون في دول غربية حكوماتها ما زالت تساند إسرائيل ومنها الولايات المتحدة.

ولقد أكدت حكومة جنوب افريقيا على انه لا يمكن تنفيذ أوامر منظمة العدل الدولية دون وقف اطلاق النار، وقالت وزيرة خارجيتها ناليدي باندور، بكل جرأة في مؤتمر صحافي انها قامت بأقصى ما تستطيع من أجل حماية أرواح آلاف الفلسطينيين.

ورغم كل ذلك، رفض نتنياهو ما دار في أروقة الحكم الابتدائي لمحكمة العدل الدولية، وما زال مصراً على ان المقاومة الفلسطينية قامت بالقتل والاغتصاب وأصر على ان الحرب ستستمر لأن من حق إسرائيل الدفاع عن النفس إلى ان تهزم «حماس» وتطلق سراح الجنود الإسرائيليين، بل ان رئيس وزراء الكيان الصهيوني منع وزراءه من التعليق على حكم محكمة العدل الدولية كي لا تزيد عزلة الكيان الصهيوني في المحافل الدولية.

نعم، لن يعترف الكيان الصهيوني بالحكم الصادر من منظمة العدل الدولية لكنه بات مداناً في نظر الكثير من الدول والمؤسسات والافراد الذين كانوا يؤمنون بالرواية الصهيونية بأنهم شعب راقٍ لكنه مضطهد من قِبل العرب.

ولعل ذلك يمثل خطوة من بين خطوات عدة باتجاه نهاية الكيان الصهيوني وتلاشي صورته الزاهية في ألبوم العالم الإنساني، بل ان احدهم استغرب قائلاً: كيف لهم يدعون انهم تعرضوا للقتل وللحرق والاضطهاد في الحرب العالمية الثانية ثم يأتون ليمارسوا ما هو أكثر جرماً وفظاعة مما عانوه من الجيش النازي؟!

همسة:

شكراً جنوب أفريقيا وشكراً روح وقيم مانديلا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي