No Script

أضواء

شكراً... دولة جنوب أفريقيا

تصغير
تكبير

«لكننا نعلم جيداً أنّ حريتنا غير مكتملة من دون حرية الفلسطينيين». الرئيس نيلسون مانديلا

لقد عانى سكان جنوب أفريقيا وغالبيتهم من السود، من نظام الفصل العنصري عقوداً طويلة، اتخذ فيها شكلاً مؤسساتياً منذ العام 1948، حيث سن الأوروبيون المحتلون قوانين صارمة لفصل السود عن الأقلية البيضاء في جميع مؤسسات الدولة، عومل من خلالها السود معاملة ازدرائية غير إنسانية، تقوم على حرمانهم من كل ما تتمتّع به الأقلية البيضاء من حق الانتخاب والتملّك، والأمن، وفرص العمل والمناصب العليا، ورغد العيش، على حساب الأكثرية السوداء صاحبة الأرض.

ولا يزال السود الذين تتجاوز أعمارهم العقد الرابع يتذكّرون تلك الحقبة العنصرية سيئة السمعة التي فقدوا فيها كرامتهم كبشر قبل سقوط نظام الفصل العنصري في العام 1994، وذهابه بلا رجعة.

ولعلّ ذكرياتهم المُؤلمة عن تلك الحقبة العنصرية كانت دافعاً قوياً في إقدام دولتهم على رفع دعوى لمحكمة العدل الدولية يوم الخميس الفائت تتهم فيها الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم إبادة لفلسطينيي غزة، وتطالب فيها بإيقاف فوري لهذه الحرب الشنيعة، بل إن إصرارها على تحدي غطرسة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيات في رفع الدعوى كان لشعورها بأن ما يحدث في فلسطين فاق حدود سياسات الفصل العنصري التي مارسها البيض في بلادهم، إلى إعلان حرب إبادة على أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في غزة من أجل الاستيلاء على أرضهم وضمها إلى بقية الأراضي المحتلة في حربي 1948 و1967 بكل وقاحة وعنجهية.

ورغم شكلية هذه الدعوى التي ستلاقي معارضة أميركية في التنفيذ، إلاّ أنها حققت رسالتها العالمية والتاريخية في فضح جرائم العصابات الصهيونية والدول التي تدافع عن جرائمهم مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي تتبنى الدفاع عن حقوق الشواذ المثليين، وتسن قوانين صارمة تعاقب من يتعرّض لهم بالسوء، بينما لا تحرّك ساكناً في الدفاع عن حق الطفل البريء في غزة في أن يحيا ويكمل مشوار حياته كبقية أطفال العالم!

ولعلّ العالم قد صحا من غفوته أمام هذه الدعوى ليعي حقيقة أن هذه الدول التي تتظاهر بالإنسانية هي من يشكّل خطراً عليها، وأن على الإنسانية أن تقف صفاً واحداً لمواجهة غطرستها وخطرها على أمن وسلامة البشرية.

في غياب جامعتنا العربية، فإن شعوبنا العربية تتقدم بالشكر الجزيل لحكومة دولة جنوب أفريقيا وشعبها الحر المحب للحرية على ما قامت به من دور عظيم في دعوى فضح جرائم عصابات الصهاينة في فلسطين، ومناصرة الشعب الفلسطيني في نيل استقلال بلاده من الاحتلال الصهيوني الإرهابي، وعلى مشاعرهم الإنسانية النبيلة، التي عبّر عنها رئيسهم نيلسون مانديلا: «لكننا نعلم جيداً أن حريتنا غير مكتملة من دون حرية الفلسطينيين».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي