No Script

رأي قلمي

فلك التردد...!

تصغير
تكبير

قال الله تعالى:«الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ». (المُلك2).

وجود الإنسان على هذه الأرض وجودٌ في سياق الاختبار والابتلاء، وعماد هذا الاختبار ذلك التباين بين ما فينا من معاني الإنسان، وما لدينا من غرائز الحيوان، وذلك التباين بين مصالحنا أيضاً.

إنّ الوصول إلى تحقيق الربح للجميع يحتاج إلى هندسة أخلاقية واجتماعية واقتصادية.

هناك معارك كبرى يخوضها الإنسان ضد أهوائه وشهواته، وما يلحق بها من حسد وحقد وأنانية وحب الظهور والغلبة والتفوق...

إنّ التغلب على هذه الغرائز والشهوات يحتاج إلى مجاهدة ومناضلة مدتها العُمر كله. وقد أشارت إلى ذلك هذه الآية الكريمة:

«وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا...»(العنكبوت 69). وإنّ كثيراً من هذه المجاهدة يجب أن يكون موجّهاً إلى ما يولّده العيش في مجتمع من عِلل نفسية وأخلاقية، وإنّ المرتبة الأخلاقية التي يجب أن نتطلع إليها، تكمن في أن نحب للناس ما نحبّه لأنفسنا، وأن نعاملهم على النحو الذي نريد في أن يعاملونا عليه.

إنّ الإيمان بالله تعالى ومعاملة الناس بالإحسان والعدل والرفق هما الطريق إلى النجاح والفلاح.

إننا نحتاج إلى تذكر أمر مهم في إدارة الصراع في دواخلنا، هو أن معاصي القلوب، لا تقل في خطورتها على الإنسان من معاصي الأبدان، فمعظم البشر يتذكّرون عند التوبة والاستغفار معاصي جوارحهم، ولا يخطر على بالهم ما يمكن أن يكون لديهم من معاصي القلوب مثل الرياء والعُجب والكبر والفخر والخيلاء... وهذا يعني أن لدينا خللاً واضحاً في فهم هذا النوع من المعاصي ترتب عليه خلل في ثقافة التوبة.

نحن نحتاج إلى تشغيل وتوليد أخلاق الرحمة بالإنسان والإشفاق على الآخر، وحين نشرع في ذلك يغمرنا ضياء الإشراق الروحي والسمو الخلقي. وإنّ ما يكدر حياتنا الثأر لأنفسنا ومقابلة السيئة بمثلها، والله اللطيف الحكيم يريد لنا أن نتخلّص من معادلات الانتقام والتردد في فلك ما هو سيئ ومُؤذٍ، لهذا قال الله تعالى:

«وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» (فُصّلت34 ).

أراد أحد الحكماء أن يخفف من حدّة الشعور بأذى الآخرين فقال: إن أشد ما ينتقم به المرء من عدوه، إصلاحه لنفسه.

إنه يلفت انتباهنا إلى حقيقة مهمة هي أن ضعفنا هو سبب تسلّط الآخرين علينا، وعوضاً عن الانشغال برد العدوان، فلنعمل على تحصين أنفسنا من عدوان جديد.

M.alwohaib@gmail.com

mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي