رأي قلمي

عليكم بالأخلاق...!

تصغير
تكبير

لقد صحّ عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال: «الحرب خدعة». والسياسة كما قال إرنست رينان - حرب باردة، والحرب سياسة ساخنة، وفي الحرب الساخنة أسرار عسكرية يجب الحفاظ عليها، وكشفها للعدو خيانة. ومن هنا ندرك أنّ السياسي يكون دائماً في حالة من التوتر والكرِّ والفرّ، والشعور بالغلبة أو الخسارة.

إنّ السياسة تقوم على ما هو معلوم من السعي إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح، ودفع أكبر قدر ممكن من المفاسد، ولهذا فإنّ من المتوقع أن يقع السياسي في قبضة الموازنات الدقيقة والحساسة، ففي الصدق مصلحة وهو فضيلة، لكن إذا كان سيؤدي إلى الإضرار بالدولة، أو بمصالح الآلاف من المواطنين، فماذا يكون الموقف؟ لو حكمنا حكماً قطعياً بضرورة التزام السياسي بالصدق المطلق، فإن وعي الساسة سيتلقاه على أنه رأي اجتهادي، ورأي من لا يعرف سلبيات السياسة ومعادلاتها.

إن إشكالية العلاقة بين الأخلاق والسياسة القليل من الناس يفهمها، لأن الوعي البشري حين يدرك الأخلاق يدركها على أنها نسبية، ولأن الأخلاق قابلة لنوع من التأويل فهذا يتيح للسياسي فرصة للتحلل من بعض القيود الأخلاقية في كثير من الأحيان، وإنّ الذي ينظر إلى الجدل الأخلاقي في أي ساحة سياسية يلمس هذا بسهولة.

إنّ التزام السياسي في السلطة، شيء مهم ومطلوب دائماً، فلا بد أن يتمتع السياسي بأعلى درجات الصدق والنزاهة والغيرة على مصالح العباد والبلاد، ومنها سوف يكسب تأييد الناس ومناصرتهم. وفي الحقيقة الذي يحمل السياسي على التخلّق بالأخلاق الفاضلة، هو ما يسود من أجواء الحرية والتمكن من النقد، لهذا كانت المعركة الكبرى في كل بلد هي معركة الحرية، والبلاد المحرومة منها لا تحظى في معظم الأوقات بساسة جيدين. وفي المجال السياسي هناك تفاهمات وتوافقات غير مكتوبة، ومن المهم رعايتها والالتزام بها، وهناك أيضاً أعراف وتقاليد معروفة، من المهم كذلك الالتزام بها.

وختاماً يمكن القول: إنّ الأسس العميقة للإخفاق الأخلاقي في معظم الممارسات السياسية، تتمثل في الكذب والغموض والخداع والغدر والتطرف، والمزيد من الوعي بالتأكيد سيقلل من نسبة خسارة الجماهير والحلفاء السياسيين على حد سواء.

‏M.alwohaib@gmail.com

‏@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي