No Script

أضواء

صراع وجود عربي مع الكيان الصهيوني

تصغير
تكبير
في عام 16 هجرية، قَدِمَ الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إلى القدس ليتسلّم مفاتيحها بعد استسلامها لجيش المسلمين دون قتال. وقد كتب إلى أهلها من نصارى ويهود عهداً بعدم المساس بحريتهم الدينية وبأماكن عبادتهم، فيما يعرف بـ«العهدة العُمرية»، والتي تعتبر وثيقة تاريخية في تسامح المسلمين مع اليهود والنصارى وأصحاب الديانات الأخرى.
وللقدس منزلة عظيمة في قلوب المسلمين لمكانتها المقدسة حيث تحتضن المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين، وقد جعل الله ما حوله أرضاً مباركة «سُبحانَ الذي أسرى بعبدهِ ليلاً من المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنّه هو السّميع البصير» الإسراء 1.
انتزع صلاح الدين الأيوبي، مدينة القدس من أيدي الصليبيين بعد احتلالهم لها دام قرابة مئة عام وبعد دحرهم في معركة حطين 1187م.

لم تكن أصوله الكردية مانعاً في استرداد القدس، فقد طغى ولاؤه للإسلام على كل الولاءات والمغريات، وكان يعتبر نفسه أميناً على مقدسات المسلمين وزعيماً لهم وليس للأكراد.
واصلَ المماليك غير العرب مسؤولية الحفاظ على القدس ثم تبعهم الأتراك العثمانيون، ولولا هزيمة الأتراك في الحرب العالمية الأولى لما تجرّأ الإنكليز على احتلال فلسطين وتسليمها لليهود الصهاينة الغرباء ليتولوا حملة تهجير واسعة للفلسطينيين من خلال عمليات إرهابية وإبادة في القرى والمدن والبلدات.
المتتبّع للتاريخ الحديث يرى أن الصراع مع الصهاينة أخذ منحى عروبياً، سلخت منه إسلامية فلسطين، ثمّ انتهى وصفه بـ«صراع فلسطيني صهيوني»، وفرض للتداول في وسائل الإعلام حتى تتعايش معه الأجيال وتتقبله كقضية هامشية ليست ذات شأن عربي أو إسلامي، في حين أن الصهاينة، وإنْ سرّهم ذلك التهميش الإعلامي لقضية فلسطين، فإنّهم يدركون بأن صراعهم الحقيقي ليس مع الفلسطينيين وحدهم، بل مع العرب والمسلمين كافة، وهو ما دفعهم لمحاولات التطبيع مع العرب، والتدخل في تغيير المناهج التعليمية في البلاد العربية لتقبّل التعايش معهم، وابتداع الديانة الإبراهيمية، حتى تكون بديلاً عن الإسلام دين الغالبية الذي يوصمونه بالفاشية، وقد أفصح عن ذلك الإرهابي نتنياهو، في حواره مع رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك، منذ أيام بعد عملية «طوفان الأقصى» البطولية.
لا مجال بأن ينخدع العرب بمحاولات الصهاينة في حصر صراعهم مع الفلسطينيين المقاومين لاحتلالهم، فالصراع هو صراع وجود بين الصهاينة والعرب، أي مع قنبلة ديموغرافية عربية لا يستطيع الصهاينة استيعابها ولا التنبؤ بأحوالها القادمة والتي ستكون أعظم بكثير من عملية «طوفان الأقصى» الغزاوية المفاجئة التي فاقت تصوراتهم وخيّبت آمالهم في الاستمرار في تحدي المستحيلات واستعراض البطولات، مع ما ينتظرهم من وعيد الله لهم في سورة الإسراء «فإذا جاءَ وعدُ الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبّروا ما عَلوْا تتبيرا».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي