... وكأنها «هدنة» فترة الأربعة أيام التي أجلت فيها منظمة «أوبك» اجتماعها من يوم 26 الجاري حتى 30 منه،
وذلك من دون أن تلمح إلى سبب التأجيل. مع احتمال أن يكون بسبب اختلاف وزراء النفط حول معدلات الخفض المتوقع وكيفية توزيع حصص الإنتاج مع اعتراض بعض الأعضاء بعدم لمس معدل إنتاجهم الحالي، في حين أن خفض الإنتاج سيساعد حتماً في رفع مستوى سعر البرميل، في وقت تواجه معظم دول المنظمة عجوزات مالية حقيقية بعكس العام الماضي، مع توقعات أن يصل سعر البرميل إلى ما دون الـ80 دولاراً.
المؤشرات تلك، تطل مع وصول ميزانيات دول المنظمة إلى معدلات ومصاريف أكبر للسنوات المقبلة، ومنها السنة المالية الحالية بالذات والمتمثلة في زيادة المشاريع التنموية في كل جانب، وأن سعر البرميل سيتجاوز معدلات السنة الماضية ولم يتبقَ سوى 30 يوماً للتعويض، مما يعني عجوزات مؤكدة.
أما عن الكويت فأمامها 3 أشهر متبقية على سنتها المالية والعجز المالي سيفوق 3 مليارات دينار كويتي، حيث إن السياسة المالية تعتمد على «الله يخلي» النفط!
والآمال معقودة أن يصل سعر البرميل إلى أكثر من 96 دولاراً لسد أي عجز، في ظل مخاوف أن يهوي إلى 70 دولاراً، حينئذ يصل العجز إلى 9 مليارات دينار.
وعود على تأجيل أوبك لاجتماعها حتى بعد غد الخميس، فمرد ذلك قد يعود إلى امتناع بعض الأعضاء عن تخفيض حصصهم الإنتاجية، وبعضهم يطالب بزيادة حصصه، وهم مازالوا يتحملون تكاليف ومصاريف استثماراتهم في الحقول والنفوط الجديدة، وهم يبصرون وصول النفط الجديد من البرازيل وبمقدار 3.700 مليون برميل، وكندا 4.500، مع قفزة في إنتاج الولايات المتحدة الأميركية إلى أكثر من 13.800 مليون برميل يومياً. وهو حتما سيوثر سلباً على أسعار النفط.
ومما سيزيد الطين بلة الزيادات المستمرة والآتية من إيران 3.500، وفنزويلا من 200 ألف إلى نحو 800 ألف برميل في اليوم.
ومن المرجح أن يكون اجتماع الخميس المقبل صعباً إلا إذا تم تأجيل جميع النقاشات ومعدلات الإنتاج إلى يناير من السنة المقبلة. والاتفاق على تمرير وتمديد الاتفاق المبرم سابقاً من دون تغيير، مع التزام السعودية بخفض مليون برميل في اليوم. وذلك درءاً لانخفاض سعر النفط مثلما أدى تأجيل الاجتماع 4 أيام إلى انخفاضه في الأسواق العالمية بنسبة ضئيلة مع غياب الأسواق الأميركية بسبب «عيد الشكر» في الولايات المتحدة.
وبغض النظر عن الاجتماع المقبل للمنظمة، فهناك تلميحات إلى ضرورة خفض آخر بحدود مليون برميل مع الإبقاء على جميع القرارات الماضية بخفض الإنتاح. لكن هذا قد لا يؤدي إلى الوصول للسعر المطلوب أو التعادلي لدول المنظمة، وهو عند معدل 90 دولاراً، ومع زيادة كمية الخفض المطلوبة إلى أكثر من 1.5 مليون برميل في اليوم مع اشتراط بقية أعضاء المنظمة بالالتزام المطلق في حصص الإنتاج فقط، لتتمكن المنظمة فعلاً التحكم في الإطار التسعيري المطلوب، والاستفادة من تأجيل 4 أيام، أو «الهدنة» النفطية بين أعضاء منظمة «أوبك» التي تزامنت مع عدد أيام الهدنة في غزة بين حماس وإسرائيل!
كاتب ومحلل نفطي مستقل
[email protected]