«كانت جميلة»
... هذا ما نقرأه ونسمعه عندما نشاهد صوراً حديثة لفنانات مشهورات تقدم بهن العمر، خصوصاً اللاتي كن أيقونات الجمال في عصرهن.
بالرغم من أن هذا العمر الذي طبع على الوجه والجسد يعبر عن الحالة البيولوجية الطبيعية التي يمر بها جميع البشر، إلا أننا لا نزال نشاهد صور «قبل» و«بعد» أو الاكتفاء بنشر صور الفنانات في فترة شبابهن فقط، متجاوزين صورهن الحالية وقد تقدم بهن العمر.
ذلك لا يقتصر على الفنانات فقط بل حتى جميع النساء اللاتي يسبب لهن العمر هاجساً وخوفاً، وخصصت النساء هنا لأنهن الأكثر عرضة للتنمر بسبب العمر، ليس من الرجال فقط بل حتى من النساء أنفسهن، بالرغم من أننا جميعاً نعي أن هذا المجتمع هو من وضع المرأة في قالب واحد وهو عمر الشباب، وأن التقدم في العمر يعني أنها وصلت لسن اليأس، سن اليأس الذي ارتبط بانقطاع الدورة الشهرية، والذي يعتقد الجميع بأن ذلك يعني انقطاع المرأة عن الحياة، وذلك لا يحدث مع الرجال لأن المجتمع ينظر إلى الرجل بأنه قادر على العطاء والقوة والحب في جميع مراحل حياته، وهذا هو الطبيعي كون الإنسان على قيد الحياة ولم يمت بعد، ويجب أن ينطبق ذلك على الجنسين.
حين تخبرين أحدهم بعمرك، عادة ما تكون الإجابة: «مومبين عليج»، كطريقة للمدح، فأتساءل: «لماذا علينا أن نشعر بالمديح لأننا نبدو أصغر؟ وماذا سنفعل حين نصبح في الخمسين ولن نبدو أصغر؟»، نحن نكبر كل سنة ويترسخ في ملامحنا وأجسادنا كل تجارب الحياة وذكرياتها لنكون ما نحن عليه الآن.
سيقولون لكِ: «صغري عمرج»، وهل سيقدروننا أكثر لأننا أصغر؟ أم أنهم يعتقدون بأن المرأة منتج تنتهي صلاحيته مع مرور الوقت؟، شخصياً عندما يخبرني أحدهم تبدين أصغر أخبرهم بأن هذا العمر هو حصيلة لكل تلك السنوات السابقة، فأنا أتقدم للأمام ولا أعود للخلف.
إنهم يؤلفون النكت عن المرأة التي ترفض ذكر عمرها، وهم من جعلوها تخضع لقوانينهم ومقاييسهم عن الجمال، وجعلوها تتوقف عن تقبل هويتها الجسدية كنتاج طبيعي لدورة الحياة، كل ذلك يدخل المرأة في ضغط نفسي من العمر، هذا العمر الذي يزيد رقماً جديداً كل عام، يعني إنتاجاً جديداً وتجارب جديدة، والكثير من الحب والمرح.
حين يخبرونكِ تبدين أصغر عمراً، هذا عبء اجتماعي يطالبك بشكل غير مباشر أن ترسخي قيمتك في شكلك الظاهري فقط، ويجعلك تخفين عمرك الحقيقي في كل مرة، أنتِ إنسان أولاً، وامرأة ثانياً، وحرة ثالثاً، لذا لستِ بحاجة لمن يضعكِ في قالب مختوم بتاريخ انتهاء.