نسمع كثيراً ان فلاناً عمّر ما شاء الله، وهذه العائلة أعمار أفرادها طويلة، وان طول العمر مرتبط بالصحة الغذائية... رغم ان هذا الكلام من وجهة نظري يحتمل الصح والخطأ في الوقت ذاته.
إلا أن وجب التفسير النفسي لطول العمر لأنه التفسير الوحيد الذي لم يطرح بالمؤتمرات، ولم يذكر بالكتب وشحيحة فيه المراجع، فطول العمر يعود لليونانيين القدامى الذي أبدعوا بطرح الفلسفة وعلم النفس ومعظم العلوم الأخرى، حيث اعتقدوا هم أنفسهم أن هناك علاقة بين المرض والمزاج، وهذه وجهة نظر أتفق معها جداً.
فالمزاج السيئ يؤدي إلى تعب بالجسد ومن تعب إلى آخر يحدث مرض، وهي إشارات عصبية للمخ ترسل تعبه وتترجم على شكل أمراض وقصوراً بالحركة الديناميكية داخل الجسد، وخير ما فسر هذا الكلام باحث يدعى فرايدمان عام 1995، قرر هو وزملاؤه أن يعمل بحثاً يتناول هذا الموضوع بشكل محدد، وهذا البحث كان طويلاً لأنه تتبع أجيالاً عدة من الباحثين عينة من الأطفال لمدة 70 سنة، وركزوا بالبحث على أي مدى أن الشخص كفوء وجيد ودقيق ويشعر بالمسؤولية، مستندين إلى نظرية العوامل الخمسة في الشخصية، فتبين أن الذين عاشوا عمراً أطول كانوا الذين مزاجهم منظماً وسلوكهم مستقراً ومنظمين في حياتهم ويعرفون وجهتهم وطريقهم. وهذا يسمى عامل الاتقان في النظرية.
كما تبين أن احتمال الموت نتيجة حوادث عنيفة يقل كلما كان الشخص مسؤولاً ومتحكماً ومنظماً ويحافظ على صحة عقله وجسده، كما أن فرايدمان لم يجد أن الكسل وإطلاق العنان للأهواء والرغبات والحياة المدللة له علاقة، ولم تتضح بالدراسة بطول العمر على عكس الاتقان الذي ظهر بوجود العلاقة ويبقى الأمر نسبياً بين الناس، تحركه الخبرة وتثبته النماذج الموجودة.
ولكن كباحثة حديثة بهذا المجال أجد بشكل تقريبي أن طول العمر مرتبط بالصحة النفسية حسب النتائج الأولية التي قمت بها بمسح عينة تتكون من 70 شخصاً كباراً بالعمر والغوص في طفولتهم ورؤيتهم لأنفسهم وطبيعة حياتهم، ولكن في العلوم الإنسانية لا اثبات ثابت على الدوام، فنفس الإنسان متغيرة ومتبدلة.
ويبقى السؤال الذي يجب أن يسأل، تذكر أشخاصاً عاشوا حياة طويلة وعمر طويل، وراجع نظرتهم إلى أنفسهم وعلاقتهم مع ذاتهم؟ في الغالب كانوا يحبون الحياة ويحبون أنفسهم ويتحلون بالمشاعر الإيجابية، ولكن دعك مني وارجع لنماذجك الموجودة واسال نفسك هل طول العمر مرتبط بالصحة النفسية؟
تحياتي.