ترجيحات بزيادة معدل ما تدفعه الكيانات المشمولة محلياً للدولة من 4.5 إلى 15 في المئة
توجّه لفرض ضرائب على الشركات الكويتية... متعددة الجنسيات
- شركات تدرس مع مدققيها سيناريوهات التطبيق وآثارها على ميزانياتها
- قناعة رسمية ولدى الشركات تدفع بأولوية تنفيع الخزينة العامة على قاعدة «دهنّا في مكبّتنا»
- إيرادات الشركات التي ستدرج بقاعدة منظمة التعاون الضريبية تبدأ بـ 750 مليون يورو سنوياً
- 20 شركة محلية «إكس لارج» مرشحة للإدراج ضمن قاعدة ضرائب الكيانات متعددة الجنسيات
يبدو أن زمن فرض الضرائب بدأ يطل برأسه على الكويت، وتحديداً على الشركات، لكن هذه المرة ليس عبر مسودة قانون محلي تعدّها الحكومة بهدف تحسين الإيرادات العامة، أو بتوصية من مستشار عالمي أو بتوجيه من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، حيث تدفع الرياح الرسمية محلياً بفرض ضرائب على الشركات الكويتية متعددة الجنسيات بغرض تنفيع الخزينة العامة بدلاً من استقطاع هذه المبالغ بالخارج على قاعدة «دهنّا في مكبّتنا».
وفي هذا الخصوص، علمت «الراي» من مصادر مطلعة أن الجهات المعنية في الكويت سواء من الحكومة أو القطاع الخاص منشغلة هذه الأيام بدراسة التعامل الأمثل مع مشروع ضريبي جديد تبحثه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «OECD»، والذي يشمل مبدئياً نحو 20 شركة محلية تندرج ضمن الشركات متعددة الجنسيات.
وأوضحت أن هناك شبه توافق واضح سواء رسمياً أو بين مسؤولي الشركات المستهدفة بزيادة حجم وعائها الضريبي محلياً إذا كانت مضطرة لزيادة استقطاعها الضريبي، لا سيما أن إقرار مشروع المنظمة سيغير المفهوم الضريبي المستحق على الشركات المحلية ذات الأوزان الثقيلة، التي تعمل في الأسواق العالمية، لا سيما المصنفة بـ«إكس لارج» وأكثر.
منظمة عالمية
وللتبسيط وبعيداً عن أي تعقيد، فإن «التعاون الاقتصادي» منظمة عالمية تضم في عضويتها 140 دولة، أعدت مشروعاً ضريبياً بعنوان «تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح» (BEPS)، يشير باختصار إلى التغيرات التشريعية بشكل تنسيقي لمواجهة إستراتيجيات التخطيط الضريبي التي تستخدمها الشركات متعددة الجنسيات في استغلال الثغرات الضريبية لتقليل مقدار الضريبة التي تدفعها.
وترى المنظمة أن هناك شركات دولية تستفيد من الإعفاء الضريبي المقدم لها في بلادها، ما يساعدها في التوسع أكثر على حساب شركات أخرى، ما يعكس عدم تكافؤ الفرص الاقتصادية.
وبينت المصادر أنه من أجل ذلك يدفع المشروع إلى خضوع دخل أي شركة متعددة الجنسيات للضريبة من قبل دول أخرى، ما لم يبلغ معدل الضريبة التي تدفعها في بلادها 15 في المئة كحد أدنى.
كيانات مدرجة
وذكرت المصادر أن المنظمة وضعت نطاق إيرادات للشركات متعددة الجنسيات المشمولة حيث يتعين ألا يقل إيرادها السنوي عن 750 مليون يورو ما يعني أن العديد من الشركات الكويتية تخضع لهذا النطاق، لافتة إلى أن الكيانات المدرجة في قائمة المنظمة غير ملزمة بالمشاركة في وعاء ضريبي في بلادها بالمفهوم المحاسبي المعتاد عالمياً ستكون ملزمة بدفع ضرائب للأسواق الحاضنة، ومرجحة أن يكون التطبيق على إيرادات الشركات المشمولة عن العام المقبل.
ومن المرتقب أن تتوزع حقوق الضريبة المحصلة من الشركات متعددة الجنسيات المشمولة بالضريبة المقررة من المنظمة، بين حق ثانوي يُدفع للدول التي فيها تواجد مادي للشركة، وحق أولي لفرض الضريبة للشركة الأم، فيما نوهت المصادر إلى أن تحرك المنظمة بهذا الاتجاه يستهدف معالجة التحديات الضريبية للعولمة في الاقتصاد الرقمي، وتغطية الثغرات التي توجدها بعض الدول من خلال تقديم إعفاءات ضريبية شبه مطلقة لشركاتها سواء على أعمالها بالسوق المحلي أو الخارجي، مثل الكويت.
قواعد التأثر
ما صلة الركيزة الضريبية التي تنوي المنظمة العالمية تطبيقها بالكويت؟
من حيث المبدأ، أوضحت المصادر أنه رغم عدم عضويتها في مشروع «التعاون الاقتصادي» الذي تشارك فيه 140 دولة وجميعها أعضاء في الإطار الشامل للمنظمة، إلا أن الكويت تتأثر بقواعد تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح «BEPS» بما في ذلك الركيزة الأولى والثانية، ومن ثم وحسب خطط المنظمة سيتم فرض هذه الضريبة على قاعدة المدفوعات الخاضعة للضريبة التي تشمل الشركات متعددة الجنسيات وبالطبع منها الشركات الكويتية المساهمة الكبرى التي تتواجد بأسواق عالمية وقد تكون مدرجة بأسواق أسهم أخرى بخلاف بورصة الكويت.
وقالت المصادر: «يبدو أن هناك ضغطاً دولياً على جميع الدول بما في ذلك الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي لزيادة معدل الضريبة للشركات الكبيرة متعددة الجنسيات إلى 15 في المئة كحد أدنى، وإلا سوف يخضع الدخل من مصادر كويتية للضريبة من قبل دول أخرى بموجب قواعد الركيزة الثانية»، مشيرة إلى أن على الكويت تقييم أثر الركيزة الثانية لضمان عدم خضوع الدخل من مصادر كويتية للضريبة في دول أخرى بموجب هذا المشروع.
تحرك الكويت
ونتيجة منطقية لما سبق، من المرتقب أن تتحرك الكويت إلى تطبيق ضرائب على شركاتها متعددة الجنسيات بحد أدنى 15 في المئة، لتفادي مقصلة الخصم العالمي واستفادة أسواق أخرى من إيرادات الشركات الكويتية باعتبار أن الخزينة العامة أحق بهذه المبالغ من الحكومات الخارجية، ما يعني محاسبياً أن الشركات الكويتية الكبرى المتواجدة في الأسواق العالمية مضطرة نظرياً لزيادة سعة وعائها الضريبي بنحو 10.5 في المئة إضافة عما تدفعه حالياً من ضرائب غير مباشرة محلياً.
ومعلوم أن الشركات في الكويت تدفع ضرائب من صافي أرباحها تقدر بنحو 4.5 في المئة، عبارة عن 2.5 في المئة في شأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها في العمل بالجهات غير الحكومية، وواحد في المئة استقطاعاً لصالح مؤسسة التقدم العلمي، وواحد في المئة زكاة.
إقرار المشروع
وكشفت المصادر أن الشركات الكويتية الكبرى المتواجدة في الأسواق الخارجية تعكف مع مكاتب تدقيقها حالياً على إيجاد سيناريوهات مختلفة لتحديد طريقة تعاملها المحاسبي مع الضريبة المرتقبة في حال إقرار مشروعها من منظمة التعاون الاقتصادي.
وتشمل الدراسة المحلية في هذا الخصوص جميع الاحتمالات سواء في حال فرضت الكويت ضريبة مكافئة للمعدل الأدنى المقرر من المنظمة للإعفاء ومن ثم خروجها من القاعدة المشمولة عالمياً، أو في حال لم تفرض الكويت ضريبة جديدة على الشركات المحلية وباتت الشركات الكويتية الكبرى ملزمة دولياً بخصم جزء من إيراداتها لأسواق خارجية.
وبالطبع تشمل الدراسة محل الإعداد تحديد أوجه التأثر المختلفة التي يمكن أن تُبوّب في ميزانيات الشركات الكبرى سواء لجهة الإيرادات أو الأرباح جراء فرض الضريبة المقررة عليها سواء من الخارج أو محلياً.
هل يوجد بالكويت شركات متعددة الجنسيات؟
تُعرف الشركات متعددة الجنسيات عموماً بأنها الشركات التي تخضع ملكيتها لسيطرة جنسيات متعددة، كما يتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة وتمارس نشاطها في بلدان أجنبية متعددة رغم أن إستراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها تُصمّم في مركزها الرئيسي الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم، في حين أن نشاطها يتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية لهذه الدولة وتتوسع في نشاطها إلى دول أخرى تسمى الدول المضيفة. ولكن في مرحلة لاحقة رأت لجنة العشرين، والتي شكلتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة في تقريرها الخاص بنشاط هذا النوع من الشركات أن إستراتيجياتها وقراراتها ذات طابع دولي وعالمي، ولهذا فهي تكون شركات متعددة الجنسيات، حيث تتعدى القوميات، ذلك لأنها تتمتع بقدر كبير من حرية تحريك ونقل الموارد ومن ثم عناصر الإنتاج من رأس المال والعمل. كما يمكن تصنيف الشركات التي تعمل بأكثر من سوق ولديها مساهمون متعددو الجنسيات بحكم إدراج أسهمها في البورصات، ما يجعل بعض الشركات الكويتية الكبرى تدرج ضمن قائمة القاعدة الضريبية المشمولة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.