No Script

رأي قلمي

ماذا تختار...؟!

تصغير
تكبير

كلّنا يعلم أنّ السرعة والبطء شيئان نسبيان، يختلف تقديرهما من شخص إلى شخص، ومن موقف إلى موقف آخر، والمعروف أن الأناة في وقت التخطيط وتحديد الأهداف ممدوحة، والسرعة في التنفيذ أيضاً شيء ممدوح، لكن يبدو أن معظم الناس لا يملك ما يساعده على التفريق بين الأمرين.
صاحب التفكير العَجول يتّسم بسرعة التصديق للأفكار والخطوط البيانية الجديدة، فهو لا يكاد يسمع فكرة من الأفكار الجديدة حتى يلتقطها، ويبدأ بخضها ورجّها والبناء عليها، مع أن معظم الأفكار الجديدة تظلّ موضع جدل وشدّ وجذب بين المتخصصين فترة من الزمان، حتى تُختبر وتُبلور وتُهذّب، وإدخال بعض التعديلات عليها وفي النهاية قد تُقبل، وقد تُرفض وتُنبذ، لهذا فإن على المرء أن يتقبّل الأفكار الجديدة في البداية على أنها وجهات نظر شخصية قابلة للنقاش، ثم يُديرها في ذهنه عبر رؤيته العامة للحياة، وينظر أيضاً إلى موقف العلماء والمختصين والباحثين منها ثم يُتّخذ الموقف النهائي.

إنّ صاحب التفكير العجول لا يناقش الكلام الذي سمعه بعقلانية، غالباً تغلب عليه العاطفة، خصوصاً إذا كان ما يسمعه موافقاً لمزاجه وهواه قَبله من دون إعمال الفكر فيه، وإذا خالف مزاجه اتّخذ منه موقفاً سلبياً سريعاً، فهو لا يفكّر في ما يسمع وإنما ينشغل بإلحاح عواطفه عليه، وبذلك تكون فائدته مما يسمع محدودة. كما أنه حين يقع في مشكلة فإنه لا يفكّر في نوعية المواجهة لها، ولا في الحلول التي يمكن أن يستخدمها في معالجتها، فإنه يظلّ مرتبكاً حائراً، وقلّما يحصل على شيء.
تغلب عليه النمطية والقولية، فهو تعوّد على اتباع طرق تقليدية في إنجاز أموره والوصول إلى أهدافه، وحين تعرض عليه بدائل أو طرق جديدة في الغالب لا يبالي ولا يأبه بها.
صاحب التفكير المتسرع شخص عملي يغلب عليه حب الحركة ولا يعطي للتنظير والتخطيط أهمية، وهذا يجعله يبدأ بالعمل ويندم عليه، أو يبدأ بالعمل ولا يكمله، وكثيراً ما يجد الطرق أمامه مسدودة، وغالباً تكون إنتاجيته ضعيفة وقدرته على التطوير محدودة.
فهو يفقد الانسجام والتناسق بين حاضره ومستقبله، ونحن في زمان صار كل شيء معقداً، وصار اتخاذ القرار يحتاج إلى الكثير من الحذر والاحتياط، حيث المخاطر والمنزلقات كثيرة، والمتسرّعون في التفكير يدفعون ثمناً غالياً يجرّ عليهم الشقاء والإفلاس.
M.alwohaib@gmail.com
mona_alwohaib@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي