أضواء

تركيا والمخرّبون

تصغير
تكبير
مرفق السياحة من المرافق المهمة في دعم اقتصاد الدولة حيث توليه اهتماماً خاصاً، خصوصاً في الدول التي تمتاز بطبيعة خلاّبة من جبال وأنهار وغابات وبحيرات وشواطئ بحرية.
وكل ما يتطلبه الأمر هو توفير البنيّة التحتيّة لجذب السائح وشعور السائح بالأمان في الدولة المضيفة، أما فقدانه للأمان سيكون وبالاً على السياحة وخسارة للدولة.
شهدت تركيا انتخابات رئاسية وبرلمانية شهر مايو الماضي، وأسفرت عن فوز الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، أمام منافسه كليشدار أوغلو، الذي كان يقود تحالفاً عرف بـ«طاولة الستة»، يضم ستة أحزاب أكبرها حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك، بعد هزيمة الدولة العثمانية وألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وأسفرت عن احتلال الإنكليز والفرنسيين للعراق وبلاد الشام وتسليم فلسطين للصهاينة.

كليشدار أوغلو من طائفة العلويين وهي أقلية، كان يهدّد أثناء حملته الانتخابية بطرد اللاجئين السوريين من تركيا الذين فرّوا من غاز السارين والبراميل المتفجّرة التي كان النظام السوري يلقيها على مساكنهم، كما كان يحذر من عودة الخلافة العثمانيّة التي يعتبرها خطراً على العلمانيّة، ويرى أن تركيا يجب أن ترتبط أكثر بالدول الغربيّة، دون أي اعتبار لروابطها الدينية والتاريخية بالدول العربية والإسلامية، أو حتى بما تجنيه من فوائد اقتصادية وتجارية من تلك الدول.
ولأن أمنيات كليشدار لم تتحقق، فقد وجد ناخبوه أن الفرصة سانحة لاستهداف السياحة وإحراج حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس أردوغان، وذلك بالتحريض على مضايقة السيّاح العرب.
وقد لوحظ تزايد عدد الشكاوى عن حوادث الاعتداء على الخليجيين، بمن فيهم الكويتيون الذين يعتبرون من السيّاح الأكثر إنفاقاً في تركيا حسب إفادة «شركة ماستر كارد العالمية»، ويأتون من حيث العدد بالمركز الثالث عربياً، الأمر الذي دفع السلطات الأمنية التركية لملاحقة هؤلاء المحرّضين الذين يستخدمون مواقع التواصل في التحريض على الأجانب، بمن فيهم الخليجيون.
وقد تم أخيراً القبض على مصدر التحريض وتبين أنهم أعضاء «حركة الدفاع» العنصرية التي نشرت بياناً تعلن فيه «أنها ستستهدف الأجانب في جميع أنحاء تركيا ابتداءً من أكتوبر المقبل ما لم تتحرّك الحكومة لإنهاء احتلالهم للبلاد»! الحقيقة أن هؤلاء العنصريين الأتراك يستخدمون الأساليب العنصرية نفسها التي يتبعها الشعبويون العنصريون الأوروبيون ضد اللاجئين أو المهاجرين لدغدغة مشاعر الناخبين لكنهم - أي الشعبويون الأوروبيون - لا يتعرضون للسياح ويقدّرون سياسة حكوماتهم في جذب السياح ولإدراكهم بأن السياحة خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
هنا يكمن الفرق بين علمانيي تركيا المخربيّن وشعبويي أوروبا المتعقلين إن جاز التعبير!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي