مشروع الحزام والطريق الذي بادرت به الصين قبل نحو 30 عاماً تمت ترجمته على شكل إستراتيجية في عام 2013، وهو عبارة عن تطوير لطريق الحرير التاريخي الممتد من الصين إلى أفريقيا والشرق الأوسط مروراً بوسط آسيا. ولقد تم تطوير هذه الفكرة لتتكون من خطين، الأول هو خط الحرير البحري الذي يبدأ من الموانئ الصينية والآسيوية ليمر عبر بحر العرب والبحر الأحمر ثم قناة السويس إلى أوروبا. الخط الثاني وهو خط الحرير البري الذي يتفرع إلى فروع عدة بدايتها من الصين إلى آسيا وأفريقيا وأوروبا مروراً بأكثر من 200 مدينة عبر شبكة معقدة من سكك الحديد. في بداية المشروع دخل في هذه الإستراتيجية 18 دولة والآن وقعت عليها نحو 126 دولة إضافة إلى أكثر من ثلاثين منظمة دولية لتشمل نحو 60 ٪ من سكان الكرة الأرضية، وقد كانت الكويت من أول الموقعين عليها، ولكن!
مما هو مؤسف بأن الكويت لم تفعل البروتوكولات اللازمة مع الجانب الصيني لأسباب «غامضة»، في حين أن الكثير من الدول التي أتت بعدها قد سارت في تلك المشاريع من خلال بنك الاستثمار الآسيوي في البنية التحتية، وليس لدي معلومة عن دخول الكويت في عضوية هذا البنك أم لا على الرغم من موافقتها الأولية على إنشائه عندما طرحت الصين فكرة هذا البنك في عام 2014!
في مقابل هذا المشروع، وقعت بعض الدول الخليجية وخاصة السعودية والإمارات اتفاقية لمشروع مواز أطلق عليه بالممر الاقتصادي مع الهند دون أن يمر بالكويت!
إستراتيجياً من الناحيتين الاقتصادية والسياسية يتعين على الكويت أن تُفعل تلك البروتوكولات على نحو السرعة الممكنة من أجل تحقيق أهداف كثيرة منها التالي:
1 - ترجمة ما جاء في الخطة التنموية لتحويل الكويت إلى مركز تجاري ومالي.
2 - تطوير الجُزر الكويتية عبر الشراكة الصينية.
3 - تطوير البنية التحتية في الكويت بالسرعة المطلوبة عبر الشركات الصينية التي برهنت على متانة وسرعة إنجازها للمشاريع.
4 - يمكن أيضاً الاستفادة من الخبرات الصينية في بناء المدن الإسكانية وتخضير الصحراء ومكافحة التصحر علاوة على المشاريع البيئية.
5 - دخول الكويت في هذه الإستراتيجية كشريك رئيسي يقيها من تقلبات سياسية دولية وإقليمية كثيرة ويجعلها في قمة بيضة القبان للتوازن الإستراتيجي المطلوب في الحقبة المقبلة.
6 - خلق فرص عمل حقيقية وليست ورقية للشباب ومجال خصب لتنويع مصادر الدخل الاقتصادي.
عبر مراجعة سريعة للخرائط الرسمية الصينية التي توضح خطوط الحزام والطريق لا يوجد ما يؤكد مرورها بالخليج وفي الوقت نفسه لا يمنع من ذلك، فبعض الخرائط الرسمية لا تشمل منطقة الخليج بينما البعض الآخر يبين مرور أحد الخطوط عبر الخليج ليمر إلى العراق، واعتقد بأن الكويت عبر موقعها الإستراتيجي بين ثلاث دول كبيرة في رأس الخليج تستطيع أن تصنع منطقة حرة للتبادل التجاري ومدينة كاملة لتقاطع الخطوط التجارية.
كل ما نحتاجه هو عقلية تجارية وإرادة وقرار سريع، أتمنى أن ينجح سمو ولي العهد، حفظه الله ورعاه في مسعاه، وترجمة تلك الأهداف لنقل الكويت إلى مستقبل أفضل.