في جلسة حوارية أُقيمت ضمن فعاليات «الموسيقى الدولي الـ 23»
عبدالرب إدريس... ذكريات بين الماضي والحاضر
عبدالرب إدريس
الجلسة الحوارية لم تخلُ من الطرب
أنور عبدالله وحسين المفيدي من ضمن الحاضرين
جانب من الحضور
ضمن فعاليات مهرجان «الموسيقى الدولي 23»، حرص المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في القاعة المستديرة بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي على إقامة جلسة حوارية من نوع آخر مع الفنان الدكتور عبدالرب إدريس، حيث كسر قاعدة قلة كلامه وفاض بالحديث عن مسيرته الفنية من البدايات. كما لم تخلُ هذه الجلسة من الطرب بصوته الرخيم والدندنة بأنامله على نغم العود، وسط حضور من الإعلاميين وزملائه ومحبيه.
الاحتفاظ بالأصالة
إدريس، الذي كان عفوياً كعادته، انطلق في الحديث قائلاً: «في فترة من الزمن كنت أستمع إلى لون غنائي معيّن، الأمر الذي تغيّر واختلف في زمننا الحالي، إذ أصبحنا نستمع لأكثر من لون في الغناء الكويتي الذي أصبحت لديه إيقاعات معينة تختلف عن الموجودة في الأغاني القديمة مثل فن السامري الذي لا يزال موجوداً معنا، لكن الألوان الجديدة أثّرت بشكل كبير في سير الأغنية سواء في الكويت أو في بقية دول الخليج العربي، وأنا من المعجبين بالتغير والتجديد على صعيد الغناء مع الاحتفاظ بالأصالة».
كرة القدم والموسيقى
وعن كيفية دخوله عالم الموسيقي، قال: «لا شك أن مسيرتي في مجال الموسيقى طويلة، إذ منذ أن كنت في عمر السادسة عشرة واجهت متاعب ومعاناة كبيرة، ففي تلك الفترة كنت محباً لرياضة كرة القدم والموسيقى، وعندما تعرضت لإصابة في قدمي اعتزلت لعب الكرة وركزت في الموسيقى».
وأضاف «بعد مشقة وتعب، استطعت أن أوفر لنفسي آلة عود، بعدها بدأت بالبحث عن ألوان الغناء بمنطقة حضرموت آنذاك، فهذه المنطقة تنقسم إلى مناطق عدة، كل واحدة منها لها لون خاص من الغناء والشعر وحتى الأصوات، وهذا الزخم من الألوان بالرغم من ثرائه، إلا أن تعلّمه كان متعباً لصعوبة التنقل بين مناطقه. وعلى الرغم ذلك، كنت أتنقل للسماع والاطلاع فقط، ومن هنا دخلت مجال الموسيقى والغناء في فترة كانت الظروف المادية صعبة، إلا أنني كنت أتنقل انطلاقاً من أن الفنان حتى يجد نفسه ويقدم ما يليق بالجمهور عليه بذل الجهد للوصول إلى هذا الهدف».
أغاني مطربي حضرموت
وأكمل إدريس في الحديث عن البدايات، قائلاً: «في بداية توجهي إلى عالم الموسيقى، لم أكن أمتلك عوداً، وبعد شرائه تعلمت العزف عليه من خلال مساعدة بعض الأصدقاء، إلى جانب استماعي إلى أغاني مطربي حضرموت ومن أبرزهم محمد جمعة الذي كان لديه إلمام كامل بألوان الغناء كافة في حضرموت آنذاك، حتى تعرّفت عليه لاحقاً عن قرب».
الانطلاق في التلحين
أما عن انطلاقه في عالم التلحين، فأوضح بالقول: «بدأت فكرة التلحين تدور في ذهني، وأول أغنية كانت بعنوان (بربك قولي لماذا الجفاء)، ونال اللحن استحسان جمعة، الأمر الذي بعث السرور والفرحة في نفسي. بعد ذلك، طلب اللحن مني أحد المطربين ليسجله في إذاعة عدن، وهذه الخطوة شجعتني على الاستمرار في التلحين والغناء معاً في الجلسات الخاصة، بعدها بدأت التفكير في الخروج من منطقة الغناء الحضرمي والاطلاع على ألوان جديدة من الموسيقى، لا سيما أنني كنت أستمع إلى الغناء المصري والجزيرة العربية عبر الإذاعات، وفي الفترة نفسها كوّنت فرقة صغيرة خاصة بي، لكنني واجهت مشكلة وهي إجادتي العزف على العود باليد اليسرى فقط، وأنا أريد إجادة العزف باليمنى أيضاً، لذلك أصررت على تدريب نفسي حتى حققت مرادي».
مناجاة
خلال الجلسة، حرص الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مساعد الزامل على التعبير عن سعادته، قائلاً: «لسنا في جلسة حوارية، إنما نحن في مناجاة لاستحضار ألبوم الذكريات بما يحتويه من صور ومواقف وأحداث وحالات إنسانية وعاطفية واستثنائية تصل بالإنسان بعد فترة من الزمن الطويل إلى أن يقدم إنجازاً كبيرأ وكثيراً يفيد الأجيال جميعاً، فالموسيقى غذاء الروح، لذلك الأساتذة الكبار مثل الدكتور عبدالرب إدريس أعطانا أحاسيس معينة في كيفية سماع اللحن والأغنية وكلمات الاغاني. ونحن نريد في جلستنا هذه السعي إلى جعله يتكلم لأنه من الشخصيات قليلة الكلام».
في ذاكرة الأجيال
من جانبه، قال الفنان حسين المفيدي: «في هذه الجلسة نستحضر مع الضيف ذكريات فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، فهو في ذاكرة الأجيال على المستوى المحلي والخليجي والعربي. فمن بحر العرب إلى النيل في قاهرة المعز إلى الخليج العربي في الكويت إلى البحر الأحمر في جدة، امتزجت الفنون في ضمير هذا الانسان المحب الحقيقي للكويت، الأمر الذي ظهر جلياً، عندما لبّى النداء بأغنية (كفو) الأمر الذي يعد جزءاً من رد الوفاء. لهذا ارتأى المجلس أن يكرّم هذا الفنان الكبير، والذي يعتبر أيضاً تكريماً لأصدقائه وزملاء دربه ممن رحلوا، وكذلك الأحياء منهم».
وختم المفيدي، قائلاً: «من منا لم تدمع عينه عندما يسمع أغنية (عمار)، لاسيما فترة الغزو العراقي الغاشم، فهو رجل أحبّ الكويت فأحبته، لذلك أشكر المجلس على بادرة التكريم لرمز من رموز الموسيقى، بل من رموز الأدب على مستوى الوطن العربي».
مداخلات الحضور
أجاب إدريس على أسئلة الحاضرين، أبرزها كان إن كان قد لحّن للفنان محمد جمعة أغنية غير «بربك قولي»، فقال: «لحن (بربك قولي) هو الأهم، وهناك لحن آخر بعنوان (مضنى) لكنه لم يشتهر».
وعما إذا كانت هناك مخاوف من إنتاج أغنية طويلة مثل «غريب»، رد: «طبيعة وتركيب أبيات الأغنية تتطلب هذا الوقت الخاص بمدة الأغنية، إذ لم يكن هناك مجال لاختصار الكلمات أو استبعاد أبيات للمحافظة على تسلسل وتركيب الأغنية».
وفي ما يخصّ أول لقاء جمعه مع الشاعر بدر بورسلي والفنان الراحل عبدالكريم عبدالقادر، أوضح قائلاً: «أول عمل فني جمعني بالشاعر عبداللطيف البناي والفنان الراحل عبدالكريم عبدالقادر هي أغنية (عاشق)، ولها قصة طريفة، فقد ألّف البناي البيت الأول من القصيدة فقط ولم يستكملها، لكنه أعجبني وأسمعته لعبدالقادر الذي أعجبه أيضاً، حينها بدأت في تلحينه، بعدها استكمل البناي القصيدة ونجح العمل. ثم جاءني الشاعر بدر بورسلي بأغنية (غريب) التي طلبت منه تغيير مطلع القصيدة والإبقاء على العنوان، فاستجاب بالفعل».
وحول قدرته على التلحين لمطربين عرب ينتمون لألوان غنائية مختلفة، قال: «في العمل الموسيقي يجب عدم التقيّد بأي فكر معيّن، مع البحث عن الكلمة التي تشد الملحن حتى تجذبه إلى لحن مميز. لقد دخلت في مقامات موسيقية لم يسبق أن دخلتها، فالكلمة الجيدة تُدخل الملحن في حس لحني معيّن مثل أغنية (غريب) التي تدخلك في حس لحني حزين، إضافة إلى أن هناك توفيقاً وعدم توفيق في الوصول للجملة الموسيقية الصحيحة، كما أن قدرة الملحن على الانتقال من مقام لآخر له أثر كبير في إنتاج اللحن المميز».
و عن ملابسات لقائه مع الفنان الراحل محمد عبدالوهاب، أوضح قائلاً: «لحن (أحرجتني) أحد الألحان الطويلة بعض الشيء للفنان السعودي الراحل طلال مداح، وبمحض الصدفة قام أحد الإخوة السعوديين ممن له علاقة بالفنان الراحل محمد عبدالوهاب ودفعه لسماع الأغنية خلال تواجدهما في باريس حيث كنت متواجداً أيضاً، فأعجب بها عبدالوهاب، وعرض عليه الأخ السعودي مقابلتي شخصياً، فرحّب بالأمر وقابلته، وأثنى على اللحن وقال لي (هذا لون جديد لم يغنّه طلال مداح من قبل)».
الاحتفاظ بالأصالة
إدريس، الذي كان عفوياً كعادته، انطلق في الحديث قائلاً: «في فترة من الزمن كنت أستمع إلى لون غنائي معيّن، الأمر الذي تغيّر واختلف في زمننا الحالي، إذ أصبحنا نستمع لأكثر من لون في الغناء الكويتي الذي أصبحت لديه إيقاعات معينة تختلف عن الموجودة في الأغاني القديمة مثل فن السامري الذي لا يزال موجوداً معنا، لكن الألوان الجديدة أثّرت بشكل كبير في سير الأغنية سواء في الكويت أو في بقية دول الخليج العربي، وأنا من المعجبين بالتغير والتجديد على صعيد الغناء مع الاحتفاظ بالأصالة».
كرة القدم والموسيقى
وعن كيفية دخوله عالم الموسيقي، قال: «لا شك أن مسيرتي في مجال الموسيقى طويلة، إذ منذ أن كنت في عمر السادسة عشرة واجهت متاعب ومعاناة كبيرة، ففي تلك الفترة كنت محباً لرياضة كرة القدم والموسيقى، وعندما تعرضت لإصابة في قدمي اعتزلت لعب الكرة وركزت في الموسيقى».
وأضاف «بعد مشقة وتعب، استطعت أن أوفر لنفسي آلة عود، بعدها بدأت بالبحث عن ألوان الغناء بمنطقة حضرموت آنذاك، فهذه المنطقة تنقسم إلى مناطق عدة، كل واحدة منها لها لون خاص من الغناء والشعر وحتى الأصوات، وهذا الزخم من الألوان بالرغم من ثرائه، إلا أن تعلّمه كان متعباً لصعوبة التنقل بين مناطقه. وعلى الرغم ذلك، كنت أتنقل للسماع والاطلاع فقط، ومن هنا دخلت مجال الموسيقى والغناء في فترة كانت الظروف المادية صعبة، إلا أنني كنت أتنقل انطلاقاً من أن الفنان حتى يجد نفسه ويقدم ما يليق بالجمهور عليه بذل الجهد للوصول إلى هذا الهدف».
أغاني مطربي حضرموت
وأكمل إدريس في الحديث عن البدايات، قائلاً: «في بداية توجهي إلى عالم الموسيقى، لم أكن أمتلك عوداً، وبعد شرائه تعلمت العزف عليه من خلال مساعدة بعض الأصدقاء، إلى جانب استماعي إلى أغاني مطربي حضرموت ومن أبرزهم محمد جمعة الذي كان لديه إلمام كامل بألوان الغناء كافة في حضرموت آنذاك، حتى تعرّفت عليه لاحقاً عن قرب».
الانطلاق في التلحين
أما عن انطلاقه في عالم التلحين، فأوضح بالقول: «بدأت فكرة التلحين تدور في ذهني، وأول أغنية كانت بعنوان (بربك قولي لماذا الجفاء)، ونال اللحن استحسان جمعة، الأمر الذي بعث السرور والفرحة في نفسي. بعد ذلك، طلب اللحن مني أحد المطربين ليسجله في إذاعة عدن، وهذه الخطوة شجعتني على الاستمرار في التلحين والغناء معاً في الجلسات الخاصة، بعدها بدأت التفكير في الخروج من منطقة الغناء الحضرمي والاطلاع على ألوان جديدة من الموسيقى، لا سيما أنني كنت أستمع إلى الغناء المصري والجزيرة العربية عبر الإذاعات، وفي الفترة نفسها كوّنت فرقة صغيرة خاصة بي، لكنني واجهت مشكلة وهي إجادتي العزف على العود باليد اليسرى فقط، وأنا أريد إجادة العزف باليمنى أيضاً، لذلك أصررت على تدريب نفسي حتى حققت مرادي».
مناجاة
خلال الجلسة، حرص الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مساعد الزامل على التعبير عن سعادته، قائلاً: «لسنا في جلسة حوارية، إنما نحن في مناجاة لاستحضار ألبوم الذكريات بما يحتويه من صور ومواقف وأحداث وحالات إنسانية وعاطفية واستثنائية تصل بالإنسان بعد فترة من الزمن الطويل إلى أن يقدم إنجازاً كبيرأ وكثيراً يفيد الأجيال جميعاً، فالموسيقى غذاء الروح، لذلك الأساتذة الكبار مثل الدكتور عبدالرب إدريس أعطانا أحاسيس معينة في كيفية سماع اللحن والأغنية وكلمات الاغاني. ونحن نريد في جلستنا هذه السعي إلى جعله يتكلم لأنه من الشخصيات قليلة الكلام».
في ذاكرة الأجيال
من جانبه، قال الفنان حسين المفيدي: «في هذه الجلسة نستحضر مع الضيف ذكريات فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، فهو في ذاكرة الأجيال على المستوى المحلي والخليجي والعربي. فمن بحر العرب إلى النيل في قاهرة المعز إلى الخليج العربي في الكويت إلى البحر الأحمر في جدة، امتزجت الفنون في ضمير هذا الانسان المحب الحقيقي للكويت، الأمر الذي ظهر جلياً، عندما لبّى النداء بأغنية (كفو) الأمر الذي يعد جزءاً من رد الوفاء. لهذا ارتأى المجلس أن يكرّم هذا الفنان الكبير، والذي يعتبر أيضاً تكريماً لأصدقائه وزملاء دربه ممن رحلوا، وكذلك الأحياء منهم».
وختم المفيدي، قائلاً: «من منا لم تدمع عينه عندما يسمع أغنية (عمار)، لاسيما فترة الغزو العراقي الغاشم، فهو رجل أحبّ الكويت فأحبته، لذلك أشكر المجلس على بادرة التكريم لرمز من رموز الموسيقى، بل من رموز الأدب على مستوى الوطن العربي».
مداخلات الحضور
أجاب إدريس على أسئلة الحاضرين، أبرزها كان إن كان قد لحّن للفنان محمد جمعة أغنية غير «بربك قولي»، فقال: «لحن (بربك قولي) هو الأهم، وهناك لحن آخر بعنوان (مضنى) لكنه لم يشتهر».
وعما إذا كانت هناك مخاوف من إنتاج أغنية طويلة مثل «غريب»، رد: «طبيعة وتركيب أبيات الأغنية تتطلب هذا الوقت الخاص بمدة الأغنية، إذ لم يكن هناك مجال لاختصار الكلمات أو استبعاد أبيات للمحافظة على تسلسل وتركيب الأغنية».
وفي ما يخصّ أول لقاء جمعه مع الشاعر بدر بورسلي والفنان الراحل عبدالكريم عبدالقادر، أوضح قائلاً: «أول عمل فني جمعني بالشاعر عبداللطيف البناي والفنان الراحل عبدالكريم عبدالقادر هي أغنية (عاشق)، ولها قصة طريفة، فقد ألّف البناي البيت الأول من القصيدة فقط ولم يستكملها، لكنه أعجبني وأسمعته لعبدالقادر الذي أعجبه أيضاً، حينها بدأت في تلحينه، بعدها استكمل البناي القصيدة ونجح العمل. ثم جاءني الشاعر بدر بورسلي بأغنية (غريب) التي طلبت منه تغيير مطلع القصيدة والإبقاء على العنوان، فاستجاب بالفعل».
وحول قدرته على التلحين لمطربين عرب ينتمون لألوان غنائية مختلفة، قال: «في العمل الموسيقي يجب عدم التقيّد بأي فكر معيّن، مع البحث عن الكلمة التي تشد الملحن حتى تجذبه إلى لحن مميز. لقد دخلت في مقامات موسيقية لم يسبق أن دخلتها، فالكلمة الجيدة تُدخل الملحن في حس لحني معيّن مثل أغنية (غريب) التي تدخلك في حس لحني حزين، إضافة إلى أن هناك توفيقاً وعدم توفيق في الوصول للجملة الموسيقية الصحيحة، كما أن قدرة الملحن على الانتقال من مقام لآخر له أثر كبير في إنتاج اللحن المميز».
و عن ملابسات لقائه مع الفنان الراحل محمد عبدالوهاب، أوضح قائلاً: «لحن (أحرجتني) أحد الألحان الطويلة بعض الشيء للفنان السعودي الراحل طلال مداح، وبمحض الصدفة قام أحد الإخوة السعوديين ممن له علاقة بالفنان الراحل محمد عبدالوهاب ودفعه لسماع الأغنية خلال تواجدهما في باريس حيث كنت متواجداً أيضاً، فأعجب بها عبدالوهاب، وعرض عليه الأخ السعودي مقابلتي شخصياً، فرحّب بالأمر وقابلته، وأثنى على اللحن وقال لي (هذا لون جديد لم يغنّه طلال مداح من قبل)».