أضواء

بين زلزال المغرب وإعصار ليبيا

تصغير
تكبير

«خسفت ثم أغرقت ثم بادت قضي الأمر كله في ثوانٍ»

شاعر النيل حافظ إبراهيم

من سنن الله تعالى في كوكبنا الأرض، الزلازل والعواصف والبراكين. لا تزال صهارة باطن الأرض على حالها منذ نشأة الأرض تقذف بها البراكين بين حين وآخر. ولا تزال بعض طبقات قشرتها الصلبة (التكتونيّة) تنزلق فتحدث الزلازل. أما العواصف فهي نتاج تخلخل الضغط الجوي بين منطقة وأخرى، وقد ساهم الاحتباس الحراري في زيادة حدة العواصف وتحولها إلى أعاصير مطرية مدمّرة. تعرض المغرب إلى زلزال بقوة تقارب 7 درجات على مقياس ريختر، ضرب إقليم الحوز في الثامن من الشهر الجاري ويعتبر من الزلازل العنيفة التي ضربت المغرب وقد أدى إلى وفاة الآلاف الذين انهارت عليهم منازلهم وانقطعت السبل بمن بقي منهم على قيد الحياة، وجلّهم من سكان قرى الإقليم الذين يعيشون في مبانٍ طينية لا تحتمل الزلازل، كما تضرّر ما يقارب 300 ألف من الزلزال.

ولأن المغرب يعتبر منطقة زلازل نشطة، وأكثر المتضررين فيه من القرى الطينية النائية، فإن الأمر يتطلّب المزيد من الاهتمام بسكان هذه القرى وتشييد مبانٍ حديثة لهم قادرة على الصمود أمام هزات الزلازل. وتعتبر اليابان التي اعتاد سكانها على التعايش مع الهزات الأرضية دولة رائدة في تقنيّة بناء المباني المقاومة للزلازل، مثل هذه التقنية تساهم في حفظ الأرواح وتوفّر على الدولة التكاليف الباهظة في معالجة آثار الزلزال الكارثيّة.

بعد زلزال المغرب، تعرّضت مدينة درنة في شرق ليبيا إلى إعصار «دانيال» المحمّل بأمطار غزيرة غير متوقعة فاجأت سكان المدينة، حيث تسببت في انهيار سدّين رئيسيين فيها، وأدى انهيارهما إلى تدفق سيل عظيم جارف دمّر المئات من المباني والمساكن والمزارع، ويقدر أنه خلّف دماراً أتى على ربع المدينة المنكوبة وحوله إلى أطلال، ناهيك عن آلاف الضحايا والمفقودين الذين جرفهم السيل وألقى بهم على شاطئ البحر.

كان إعصاراً مروعاً يثير الرعب والرهبة لمن يشاهد الدمار الذي خلفه وراءه، فكيف بالضحايا الذين لا حول لهم ولا قوة في مدافعته أوالنجاة منه؟

يشار إلى أن السدّين كانا يحتاجان إلى صيانة، وكان نصيبهما الإهمال، الأمر الذي أدى إلى انهيارهما بعد امتلائهما بأمطار الإعصار.

لعل الصراع القائم في ليبيا بين شرقها وغربها ساهم في تفاقم كارثة الإعصار، فالصراع بين الطرفيّن يغلب على الاهتمام بالمتطلبات المدنية، وهذا ما يستدعي وضع حد للخلافات السياسية المدمرة، التي لا تخدم الوطن ولا ابنه المواطن. ولعله درساً من التاريخ كي يترفع الساسة عن مصالحهم الشخصية.

رحم الله ضحايا الزلزال والإعصار، وأفرغ على ذويهم الصبر والسلوان.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي