يتعدى الشباب مرحلة التعليم، ويبدأون بالبحث عن وظيفة تناسب تخصصهم، والغالب أنهم لا يصلون إلى ما يطمحون إليه، ويضطر كثير منهم إلى البحث عن أي وظيفة وإن كانت بعيدة عن تخصصه، أو أقل من مستواه العلمي، ومع ذلك يطول انتظاره ويظل سنوات يعتمد على أهله مالياً، ويعيش تحت مسمى البطالة، وإن فُتح له باب العمل أخذ الوظيفة التي لا تجعله يعمل بما تعلّم، فهي مجرد باب للحصول على المال، ليبدأ حياته الجديدة ويوفر متطلباته، وهو حال الأفراد الذين يعملون في وظائف غير فعالة، إذ يتمتع هؤلاء بالعديد من المهارات، ومع ذلك يَشغلون وظائف لا تتناسب مهاراتهم.
ونوع آخر من الشباب يحصل على الوظيفة بصورة سريعة دون بحث ولا نشاط ولا اهتمام؛ لأنه يعلم أن تلك الأمور لا تسير إلا بالواسطة التي غلبت الضمير؛ فالواسطة وطلب المساعدة من شخص ذي نفوذ تحقق المصلحة اليوم؛ فالطرق الملتوية أسرع للوصول إلى المنصب وإن كان لا يفلح فيه.
باتت البطالة المقنعة ثابتة في المجال الوظيفي، حيث لا يُقبل الموظف إلا على الوظيفة الخالية من العمل، ويأخذ المسمى الوظيفي والمنفعة المادية دون أن يشارك في أي شيء خلال عمله فيقضي وقته بالمكالمات والتجمع مع الزملاء للتسلية، أو الخروج والتهرب من العمل، ولا نبالغ إن قلنا انه ينام في فترة العمل!
انتشرت تلك الظاهرة في كثير من الوظائف الحكومية نظراً لقلة العمل وزيادة عدد الموظفين الذين يعملون بلا فعالية، فهي ظاهرة يتم من خلالها توظيف عدد من الموظفين للعمل بما لا يناسبهم، مع إمكانية توزيع الموظفين في المكان والجهة التي توافق تخصصهم.
ولا شك أن هذا الأمر يسبب إحباط المتعلم الطموح، وكل خريج جديد متفوق لم يجد وظيفة في مجاله، يرى المجتمع يرفض جهوده، والأدهى أن يسلب ضعيف الكفاءة حقوق الموظف المناسب ويأخذ مكانه، فلا ينال الموظف المناسب فرصته، فإن ضياع حقوق الموهوب والمتعلم يخلق روح الحقد والكراهية والسلبية على كل فرد ظَلَمه، ويفقد شعور المواطنة والانتماء إلى بلده، وكذلك الظلم المادي حيث إن الفئة التي تعمل بشكل جدي والأخرى المهملة تنال الراتب الشهري نفسه أو أعلى (!) فضلاً عن الفساد الاجتماعي، وتدني مستوى الدولة التي لم تستفد من قدرات أبنائها وعلومهم وكفاءاتهم العالية، وقد يدفعهم ذلك إلى بحث عن فرص عمل ونجاح في الخارج، وبالتالي تفقد الدولة العقول الواعية، ويستمر تخلف الدول ويزيد... تلك ظواهر سلبية بارزة واضحة أمام الجميع.
aalsenan@hotmail.com
aaalsenan @