بثت الدماء الملكية الطاهرة الأمل من جديد في روح الأمة المغربية، حينما قام جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله ورعاه، بزيارة المصابين في المستشفى الجامعي بمراكش ومن ثم تبرّع جلالته بالدم، وقام ملك القلوب بالمرور على المصابين وتقبيل رؤوسهم ومواساتهم والوقوف على احتياجات شعبه كعادته. ذلك الشعب الذي ارتسمت على وجهه علامات الارتياح برؤية والدهم وقائدهم ومليكهم، ساده الشعور بالطمأنينة. في سويعات قليلة بعد كارثة زلزال مساء الجمعة الثامن من شهر سبتمبر، انتظم المغاربة ورصوا الصفوف لنجدة اخوتهم في الأقاليم المنكوبة بشكل مذهل، شعب رتّب أموره بشكل تلقائي للتبرّع بالغالي والنفيس لأجل اخوة لهم في الوطن في صورة من أبهى صور التضامن والتآزر والتآخي، وفي الوقت ذاته قامت القوات المسلحة المغربية بأوامر ملكية فورية ومباشرة وخلال أقل من ساعة في البدء بالانتشار للقيام بالإنقاذ والإسعاف لمواطنيهم في مناطق الكارثة ومن ثم توفير المأوى الموقت لمَنْ تدمرت منازلهم جراء الزلزال (هناك محاولات حكومية لإقناع سكان تلك القرى الجبلية بالسكن في قرى نموذجية سيتم تجهيزها فوراً بأمر ملكي).
صورة جميلة رغم الحزن العميق، صورة التضامن بأقصى درجاته بين الشعب المغربي بكل فئاته من ناحية وبين الشعب وقيادته الحكيمة الرحيمة التي يثق فيها ثقة مطلقة من ناحية أخرى.
المغرب في هذه المحنة الكبيرة بدأ في مداواة جراحه، وسينتصر بإذن الله على المعوقات والصعاب كافة في إعادة بناء ما تهدّم وعلاج آثار الكارثة.
القرى التي تدمّرت بفعل الزلزال غالبية أهلها من حفظة كتاب الله، وقد حضر العبدلله، الكثير من مسابقات حفظ القرآن في بعض هذه المناطق، ونسأل الله عزوجل أن يتقبّلهم مع الأنبياء والصدّيقين والشهداء، تلك الوجوه الطيبة الحاضرة في الذاكرة الذين رحلوا إلى الرحمن الرحيم مساء الجمعة الحزينة، ونسأله تبارك اسمه أن يكتب الشفاء العاجل للجرحى والمصابين ويُنزل السكينة على القلوب الموجوعة بفراق أحبتها.
مشاهد كثيرة جداً ومئات القصص الحزينة، ولكن بإذن الله وبالإرادة الحديدية والعزم القوي بالله للملك محمد السادس، وشعبه سيتم تجاوز هذه الكارثة فكيف لا! وهذا البلد الذي واجه أهله الكارثة بإيمان عميق بالله عزوجل وبرضا تام بما كتب الله، سائلينه جلّت قدرته أن يمدهم بعون منه وقوة.
حفظكم الله أينما كنتم...
وللحديث بقية.
jaberalhajri8@