المشاركون استحضروا «الدكتور نازل» لمناقشته
«كافيين الثقافي»... احتضن الروائي طالب الرفاعي في حوار مفتوح
- الحوار ناقش:
- أوجه الشبه والاختلاف بين الأم في القرن الماضي وفي الوقت الحاضر
- لماذا تراجعنا في اللغة العربية؟
- الأمور التي لحقت بالحقل التربوي
دشّن المقهى الثقافي «كافيين» موسمه الجديد بحوار مفتوح وصريح، أداره كل من علي الحسن وأحمد الشهابي، حيث ناقش الحاضرون المجموعة القصصية «الدكتور نازل»، آخر إصدارات الروائي القدير طالب الرفاعي.
في البداية، قال الحسن إن مضمون النقاش في هذا المقهى لا يعتمد على طريقة السردّ للكاتب، وإنما على الأفكار النوعية والنقاط الجوهرية التي يطرحها، والتي سيفنّدها الحاضرون كافة، بحيث يكون في مقدور الجميع المشاركة، حتى الذين لم يحالفهم الحظ لقراءة الكتاب.
وشدّد على أهمية الالتزام ببعض القوانين التي يتبعها المقهى الثقافي، بينها احترام الأديان وعدم التطرّق للموضوعات السياسية أو التنمر، أو غيرها من الأمور التي تخدش الذوق العام.
من جانبه، أكد الشهابي أن جميع الأطروحات التي يتناولها المقهى عادة ما تتم بأسلوب اجتماعي إيجابي ونقاشات من القلب، لا تخضع لمبدأ التحليل الأكاديمي أو التفسيري، «ولكن نفضّل أن يكون الحوار باللغة العربية الفصحى».
وبعد نبذة شاملة ومختصرة عن سيرة ومسيرة الرفاعي، تصفّح الحسن صفحات «الدكتور نازل»، مشيراً إلى أن الكتاب يضيء على الكثير من الأمور الحياتية بأسلوب ساخرٍ، وساخط أيضاً، كما يحمل في أعماقه نقيضين متضادين بين الروح الكوميدية والتراجيديا الحزينة.
«الأم... بين الماضي والحاضر»
واقتبس الحسن فقرات مختلفة من المجموعة القصصية، كان أولاها: «خادمتنا الفيلبينية (إلما) توقظ (نَزُّول - ابن الدكتور نازل) وتغسل له وجهه، وتلبسه ثياب الروضة وسط نعاسه، وتحمل عنه حقيبة أكله الصغيرة، وتسحبه مع السائق الفيلبيني إلى الروضة، وحين تستيقظ والدته (دلال) وتأخذ قهوتها، تسأل الخادمة عن (نَزُّول) حبيب قلبها»!
بعدها، طرح الحسن سؤالاً على الجمهور، حول أوجه الشبه والاختلاف بين الأم في القرن الماضي، والأم في الوقت الحاضر؟
فلاقى السؤال تفاعلاً من الجمهور، وتبايناً في الآراء، حيث رأى البعض أن الرفاهية في الوقت الحالي أدّت إلى اعتماد الأم على الخادمة في كل شيء، بما في ذلك رعاية أبنائها، متفقين على أن النساء اللاتي تمثلهن «دلال» لسنَ أمهات ولا ينتابهن شعور الأمومة قط على أبنائهن. بينما اعتبرت مجموعة أخرى من المشاركين، أن «مشاغل الحياة وظروف النساء العاملات دفعتهن للاستعانة بالخادمة لتخفيف العبء عنهن».
وهنا التقط الرفاعي طرف الحديث، قائلاً: «لاتزال ابنتي الدكتورة فرح تحرص على الاستيقاظ يومياً في الخامسة والنصف فجراً من أجل الاهتمام بشؤون أبنائها وتلبية متطلباتهم من مأكل وملبس وغيره، بل وتحرص بنفسها على إيصالهم إلى المدرسة»، مشيراً إلى أن «دلال» في مجموعة «الدكتور نازل» قدّمت نموذجاً سيئاً عن الأم الاتكالية، و«نطمح لإدانة هذا النموذج وتحويله إلى حالة إيجابية في المستقبل».
«تراجع اللغة العربية»
وانتقل الحسن إلى الفقرة التالية من مجموعة «الدكتور نازل»، والتي تخطط فيها الأم لمستقبل ابنها، قائلة: «سأسجل (نَزُّول) بالمدرسة الأميركية. عندهم طلبات كثيرة جداً، لكن وجود أخته في المدرسة قد يشفع له، وكذلك صديقاتي في الإدارة... سيكون مثل أخته ولن يتكلّم العربية!».
وتساءل الحسن: لماذا تراجعنا في اللغة العربية، وما هي الآثار المترتبة على ذلك في المستقبل؟
فشارك الحضور بآراء مختلفة، بينهم من عزا سبب تراجع اللغة العربية إلى ضعف المنهج الدراسي، وغياب البرامج التلفزيونية التي تستهدف الأطفال والناشئة، فضلاً عن غياب الرسوم المتحركة الناطقة بالفصحى، بالإضافة إلى تفاخر بعض أولياء الأمور في تعليم أبنائهم اللغة الإنكليزية، في وقتٍ تحرص فيه الكثير من الحضارات على الاعتزاز بلغتها الأم.
كما شارك الرفاعي بمداخلة مقتضبة، حول أهمية تعلّم اللغة العربية إلى جانب الإنكليزية واللغات الأخرى، كما فعل ذلك مع ابنته فرح، التي قال إنه خصّص لها ساعة في اليوم ليعلمها اللغة العربية.
«الامتياز بالغش»
في غضون ذلك، اختار الحسن إحدى الفقرات التي دُوّنت في الكتاب لطرحها على المشاركين، إذ تمثلت بأحد أولياء الأمور وهو يجلد ذاته ويلوم نفسه لأنه لم يساعد ابنه على الغش.
وجاء الحوار مع النفس على النحو التالي: «ألوم نفسي لأنني أجبرت ابني على الأمانة وعدم الغش، والآن تبخرت فرصته للحصول على البعثة، فأعداد كثيرة من الطلاب نالوا درجة الامتياز بالغش».
وهنا طرح الحسن سؤالاً عمّا آلت إليه الأمور في الحقل التربوي لاسيما خلال فترة التعليم عن بُعد في زمن «كورونا»، إلى حد ظهور بعض الأصوات الرافضة لمحاربة النجاح الوهمي، بل وأصبح أولياء الأمور هم الداعم الأول في ما يتعلّق بتحريض أبنائهم على الغش؟
فأرجع المشاركون ظاهرة الغش التي انتشرت في الكويت خلال الجائحة إلى بعض الآباء والأمهات الذين لا يعبأون إلا بتفوق أبنائهم وحصولهم على نسب عالية، كي يلتحقوا بالبعثات الجامعية، خصوصاً بعد انتشار الشهادات المزوّرة.
«الخوف من القارئ»
ذكر الرفاعي في نهاية الحوار قصة الكاتب التشيكي - الألماني فرانز كافكا، «الذي لم يقم بنشر ولو حرف واحد من أعماله في حياته، بل أوصى (صديقه برود) أن يحرق كل شيء بعد وفاته، ولكن الأخير لم ينفذ الوصيّة، بل فعل العكس وقام بنشرها حتى يتعرّف القرّاء على واحد من أهم الكُتّاب في العالم».
ولفت إلى أن أيّ كاتب خلال الكتابة يكون في ذهنه تصوّر لقارئ ما، «وشخصياً أخاف من القرّاء، لاسيما وأن من هم طلاب في الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وجامعيون وعباقرة، ومنهم من أبناء الصنعة. لذلك، أتعب جداً على مادتي وأكون مخلصاً لها، حيث إن الكثير من الكتب أعدت كتابتها قبل نشرها بما لا يقلّ عن 14 مرة».
هل يُجسّد ناصر القصبي شخصية «الدكتور نازل»؟
ألمح الرفاعي عن إمكانية تحويل شخصية الدكتور نازل إلى مسلسل تلفزيوني، كاشفاً عن نسخة من الكتاب أهداها إلى الممثل السعودي ناصر القصبي، حيث أبدى الأخير إعجابه الكبير بالمجموعة القصصية.