أما بعد...

مناورة الضرائب

تصغير
تكبير

يعود الجدل المتكرر مرة أخرى حول عزم الحكومة للسير في طريق فرض إصلاحات اقتصادية ومالية جديدة، وذلك من خلال إقرار قانون الضرائب غير المباشرة «ضريبة القيمة المضافة - الضريبة الانتقائية - ضريبة الرفاهية»، مع العلم أن الحكومة تعلم جيداً أن نواب مجلس الأمة لن يسمحوا لهكذا مواضيع أن تكون محل نقاش فضلاً عن إقرارها من عدمه. وهذا أمر طبيعي جداً، ففرض الضرائب سواء الثلاث دفعة واحدة أو فرضها واحدةً تلو الأخرى فالمتضرر الأول والأخير هو المواطن والمقيم. حتى وإن ادعى خبير اقتصادي هنا وباحث مالي هناك أن القانون ملزم للشركات فقط أو أن الضريبة قع على الهامش الربحي للسلع. فالخاسر والمتضرر هو المستهلك بشكل عام. فمن البدهي أن ينحاز أعضاء البرلمان للجانب الشعبي الرافض لهذه الضرائب ولم يسمح أي نائب أن يعفّر تاريخه السياسي أو يعدم مستقبله السياسي كذلك بموافقة هوى الحكومة في ما يخص الضرائب.

نعم، إن فكرة إقرار الضرائب بالكويت ليس وليدة اليوم أو البارحة. فقد الزمت الحكومة نفسها وتعهدت أمام دول مجلس التعاون الخليجي في دورته السادسة والثلاثين (9-10 ديسمبر 2015) وذلك بالموافقة على تفويض لجنة التعاون المالي والاقتصادي في دراسة فرض دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل موحّد ضريبة القيمة المضافة بنسبة أساسية قدرها 5 في المئة ووضع إطار قانوني موحد لاستحداث الضرائب العامة في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد انتهت اللجنة المُفوَّضة بنوفمبر 2016 من إعداد اتفاقية باسم (الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية) تتألف من 27 صفحة و 79 مادة موزّعة على 15 باباً. وقامت الدول الست بالموافقة على ما انتهت إليه اللجنة والمصادقة على الاتفاقية. وجدير بالذكر أن المادة الأخيرة رقم 79 اعتبرت الاتفاقية نافذة اعتباراً من إيداع وثيقة تصديق الدولة الثانية لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. وبما أن الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، قاموا بتطبيق الضريبة المضافة فعليا من يناير 2018 وقامت مملكة البحرين بتطبيقها في يناير 2019. وبذلك تكون الاتفاقية نافذة ومُلزمة لجميع الدول الموقعة والمصادقة على الاتفاقية.

يبقى التساؤل المطروح كيف ألزمت الحكومة نفسها بهذه الاتفاقية؟ خصوصاً أنها تتعهد بإصدار قانون ضرائب! ومن المعلوم أن القوانين بالكويت لا تصدر إلا بموافقة مجلس الأمة! فكيف ألزمت نفسها وهي تعلم سلفاً أنه من المُحال أن يقر هذا القانون؟ وللنواب مبرراتهم المنطقية بلا شك. فهل الحكومة قادرة في ظل التضخم الحالي وعجزها عن كبح جماح الأسعار وكسر الاحتكار.

ختاماً:

إنها ليست سياسة «جسّ نبض» فالحكومة الرشيدة تعلم علم يقين ردود فعل الشارع والنواب تجاه أي قانون فيه كلمة «ضرائب» ولكنها مناورةٌ اقتصادية مالية الهدف منها شيء آخر والأيام كفيلة بكشفه...

X: @Fahad_aljabri

Email: Al-jbri@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي