الكويتي بو مسامح، والسماحة هي السهولة في التعامل مع الناس، وأهم علامات السماحة البيع والشراء والقضاء بل حتى في علم الإدارة والمحاسبة فإذا تعاملت معه في البيع فتجده يبيعك بسماحة وطيب نفس ويبذل ما عنده ويعطي ولا يماري ولا يجاري ولا يغشك ولا يخدعك بلسانه!
وإذا وجد المحتاج الذي لا يقدر على دفع كامل المبلغ فإنه يعطيه ويتسامح معه بطيب خلق، فرحم الله عبداً سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا اقتضى ولا يبخس السلعة قدرها ولا يُجادل كثيراً ولا يُخاصم ولا يرفع صوته في الأسواق، وعلى قدر ما يكون الإنسان في معاملته للناس تكون المعاملة بينه وبين الله سبحانه.
والتجربة خير برهان فإنك لا تجد إنساناً يكون سمحاً في العطاء وأن الله يضيّق عليه في الرزق، ولا يكون أبداً والجزاء من جنس العمل، فالإنسان الذي يتشدّد ويشح ويبخل فهذا يضيّق الله عليه حتى وإن كان رزقه أمام الناس واسعاً، لكنك تجد نفسه ضيقة حرجة فالخوف والتردد غالب عليه يتصوّر في ذهنه حالة الفقر وبأن المال سيضيع منه... في المقابل صاحب البذل والسماحة تجد الله تعالى يوسّع عليه في الرزق حتى وإن كان رزقه ضيّقاً ولكنه يعطيه وفي قلبه غنىً وقناعة ويشعر من خلاله أنه غير محتاج.
- لتوضيح الفكرة أكثر - قارن بين حال الكويتيين قبل النفط وبعد النفط بالنسبة لقضايا المحاكم في البيع والشراء والديون، وأثر ذلك عليهم.
والتاجر الكويتي - القديم - إذا اشترى دفع فيه الثمن ما يماثله ولا يكثر من الجدال... وليس معنى هذا أنه يكون مغفّلاً يُمكن خداعه! فإنه إذا خُدع مرة لن يُخدع كل مرة، وكذلك تعرف الإنسان المسامح من ردهات المحاكم إذا طلب القضاء فمن حق المؤمن أن يطلب ماله عند الناس، ولكن إذا طلب فليكن طلبه بسماحة وسهولة، فإذا وجد غريمه ضعيفاً أو معسراً تسامح معه، فإذا كان معه مال دفع ما تيسر له وإلا صبر عليه (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) ولو أن تاجراً يحسبها سيجد أن المال لو استثمره فسيكون لك من الربح مما يعطيك الله جزاء صبرك على دَين الرجل أكثر مما لو استثمرته في السوق لقوله صلى الله عليه وسلم (إن السلف يجري مجرى شطر الصدقة) والمعنى أن القرض الحسن الذي لا منفعة للمقرض فيه ولا اشتراط زيادة عليه عند السداد يجري مجرى شطر الصدقة أي أن ثواب السلف نفس ثواب الصدقة لما فيه من قضاء حاجة المسلم وتفريج كربته وسد حاجته، وكل هذا جاءت به الشريعة الإسلامية لإقامة المودة والإخاء والتكافل بين الناس.
وكل يوم تصبر فيه لك أجر صدقة فتكتب لمَنْ يصبر عشرين أو ثلاثين سنة إذا لم تحصل على مالك المستدان! فهذا يجعل المؤمن في راحة تامة إذا لم يحصل على ماله... فقد كسبت هذا الأجر من الله... ولا يفهم من كلامي الإنسان إذا ماطله آخر فليس من حقه أن يرفع عليه دعوى ويحاكمه بل هذا من حقه المشروع، ولكن المقصود أن ينظر هذا الإنسان هل هو معسر أم موسر؟ فإذا كان موسراً ومماطلاً فيستحق العقوبة لحديث (مطل الغنى ظلم يحل عرضه وعقوبته) والمطل من المماطلة وهذا مثل كثير من التجار - الطارئين - تراه يستلف من هذا ومن ذاك ومعه مال ولكنه يريد أن يوفّر ماله في التجارة وأن يزيد من رأس المال من أموال الناس... ولكنه يؤخر أموال الناس، وكل ذلك من أجل أن يحصل على مزيد من الأرباح فإذا أخذ إنسان منك ديناراً ولديه القدرة على سداده فمن حقك أن تقاضيه ويُقال عنه إنه يأكل أموال الناس وعليه عقوبة عند القاضي بالحبس حتى يُسدد.
وتذكر (ادخل الله عز وجل رجلاً كان سهلاً مشترياً وبائعاً وقاضياً ومقتضياً الجنة) فرحمه الله وجازاه الجنة على هذه السيرة العطرة لأن فيه يسراً وسهولة وليناً وأمانة في أداء حقوق الناس، فمثلما وثقوا فيك وأعطوك مالهم يجب أن توفيهم حقهم فإذا جاء وقتها اذهب بها إلى أصحابها وسلمها مثلما تسلمتها وأبشر بالعوض.
وأخيراً،
السموحة الكل يطلبها ولا يفعلها، فالمعارضة تبي السموحة والمغردون يبونها والمهجرون والمسيئون ولكنهم لا يعرفون لها معنى مع الحكومة؟ لأننا ابتدعنا فكرة المعارضة وتطرّفنا بها حتى - طالت وشمخت - وفرّخت - بذور - لا يعرف معروفاً ولا يُنكر منكراً ولكنه أصبح رمزاً فتلاشت السموحة عند البعض؟ فهل نعي فعلاً؟