كانت أمي، رحمها الله، دائماً ما تكرر على مسامعي أن الإنسان قدرات وليس من الحكمة أن تطلب من شخص أكثر من قدراته، فأنت بذلك تدمره وتدفعه للغش والخداع وقد يصل الأمر لكراهية رؤيتك...
الغالبية لديها قناعة أن مستوى التعليم ليس بالمستوى المطلوب، وأن هناك أعداداً ليست بالبسيطة قد تحصلت على الشهادة الثانوية ولكنها للأسف لا تجيد حتى القراءة والكتابة...
لذلك، تجد الغالبية تصيح بأعلى صوتها مطالبة بتحسين مستوى التعليم وأن هناك خللاً بالمنظومة التعليمية...
إن انحدار التعليم له أسباب عدة، ومخطئ من يعتقد أن إصلاح الخلل بالأمر البسيط، لنترك وزارة التربية والمعلمين لأننا سننظر للموضوع من زاوية أخرى بعيدة عن وزارة التربية ومعلميها، من الأسباب المؤثرة على انحدار مستوى التعليم هو الأسرة والفكرة المسيطرة على عقول الكثير من الآباء والأمهات بأن تفوق الأبناء دليل تفوق الأب والأم، وأن تفوق الأبناء هو دليل قاطع على تميز هذه الأسرة عن غيرها من الأسر...!
إن فكرة نجاح الأبناء تعكس نجاح الأسرة خَلقَ الكثير من المشاكل للأبناء منها الغش والخداع، ناهيك عن المشاكل النفسية وأيضاً وبخط موازٍ جعل الأب والأم على استعداد تام لمساعدة أبنائهم للتفوق بشتى الطرق سواءً كانت مشروعة أو غير مشروعة، ولأن المهم هو شهادة تثبت تفوق ابنهم وليس المستوى التعليمي لهذا الابن أو البنت، فأصبح البلد يعج بالشهادات الجامعية ذات المستوى المتواضع لأن الهدف الأسمى عند الأب والأم هو شهادة جامعية تثبت نجاح الأسرة بحصول ابنهم أو ابنتهم على أعلى الشهادات ولم يعد للمستوى الأخلاقي أو التعليمي أي مكان بعقول هذه الأسر...؟
إن من هم على المقاعد الدراسية بوزارة التربية والجامعات هم المكون الأساسي للأسر من أب وأم بالمستقبل، لذلك نحن بحاجة لمناهج جديدة لإعادة تفكير مكونات المجتمع للطريق الصحيح المتمثل بأن الأسرة عليها تهيئة البيئة المناسبة للدراسة وأن تفوق الأبناء لم ولن يكون يوماً دليلاً على تفوق الأسرة.
هناك حقيقة يكره الآباء والأمهات سماعها وهي أبناؤكم الذين ساعدتموهم على الغش والكذب والخداع هم أساس تدميركم قبل أن يدمروا المجتمع...