اقرأ ما يلي

جيل الطلائع

تصغير
تكبير

لطالما شعرت بالاستغراب من تصرفات بعض الآباء بحق أبنائهم، عندما تجد زوجة تشتكي من زوجها أو زوجاً يشتكي من زوجته فهذا أمر وارد وتقبّله طبيعي لكثرته، فالمرأة تمّت تربيتها في بيت يختلف عن البيت الذي تربّى فيه الرجل، وتصادم الثقافات والتربية أمر طبيعي ليخلّف مشاكل عديدة بين الأزواج. ما لا أجده طبيعياً هو عندما يتربّى الابن على تربية معيّنة من الأم والأب، ويتعرّض الابن لشتى أنواع التذمّر والسخرية من الجيل الحالي ومشاكله.

عندما يتعوّد الابن على لبس الملابس باهظة الثمن في مرحلة عمرية تتغيّر فيها بنية الإنسان بشكل سريع، ويتعوّد على أعياد الميلاد كل سنة مع الهدايا التي لا تتوقف، واتكال الابن على والديه في حل مشكلاته البسيطة، وتردد الآباء لباب المدرسة في كل شاردة وواردة، ودفاع الوالدين هذا بحجة أنهم تعرضوا في وقت من الأزمنة لعنف لازال أثره موجوداً في أنفسهم، لذا كان من الواجب أن يكون الوالدان «سوبر أقوياء» ومتواجدين على مدار الساعة لحماية الابن وكي لا يتعرض لنفس العنف الذي تعرضوا له.

قال لي أحد الزملاء وهو من عائلة معروفة في الكويت إن والده المليونير اشترى له سيارة مستعملة قديمة جداً ولا تتجاوز قيمتها الألفي دينار، واعتبر الألفين كسلفة لابد أن يرجعها لوالده، قال لي إنه غضب حينها ولكنه اليوم يفتخر بما قام به والده، فقد كان درساً عظيماً علّمه كيف يقدّر المال وكيف يجتهد للحصول عليه، وفي الوقت نفسه تخطط صديقتي اليوم لابنها البالغ من العمر خمس سنوات، بأن تحتفظ بجزء من راتبها الى أن يبلغ الثامنة عشرة فتشتري له سيارة فارهة كي يصبح ابن فلانة الشاب الصغير في السن يستعمل سيارة فارهة لا يستطيع الموظف شراءها.

إن كل تصرّف يصدر من الوالدين في حق أبنائهم له أثر في الأبناء على المدى البعيد، فالتوقف عن التباهي بما يلبسه الابن والاجتهاد في تطوير ذاته من الصغر لهو أمر مهم جداً لينتج مواطناً صالحاً مقدّراً للنعمة التي يحصل عليها، حتى وإن كان ذا منصب وجاه فستكون نظرته لمن هم أقل منه مالاً ومنصباً أكثر احتراماً من الذي وُلد وترعرع على التباهي والشعور بعظمته، وأنه لابد أن يكون أفضل من الآخرين بأي حال من الأحوال.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي