No Script

كلمة صدق

ترخيص لدور رابع

تصغير
تكبير

اقترح أحد النواب الأفاضل لمجلس الأمة أن يتم السماح لمن تكون قسيمته السكنية أقل من 400 متر مربع ببناء دور رابع، بدل القانون الحالي الذي يسمح لأدوار ثلاثة كحد أقصى في المناطق السكنية. السبب الرئيسي للاقتراح كما تم ذكره هو لازالة الظلم وتحقيق العدالة لمن كانت قسائمهم التي تم توزيعها عليهم أقل مساحة من 400 متر مربع.

على هذا المبدأ، سيطالب صاحب القسيمة الممنوحة له بمساحة 400 متر مربع بأدوار أكثر من صاحب الـ500 متر مربع، وصاحب الـ500 سيقول إنه لم يتم إنصافه لأن هناك قسائم وزّعت في وقت ما بمساحة 600 أو 750 متراً مربعاً، وسيطالب بطوابق أكثر منهم، وهكذا دواليك.

بيت القصيد هنا ليس رفض المقترح بقانون بغرض التضييق على بعض الناس ممن يريد التوسعة في البناء عمودياً، لكن المقصد أن هناك مشكلة بالأساس من سوء التنظيم والتخطيط في المدن والمناطق السكنية بالكويت، إلى حد لم تعد البنية التحتية ولا الفوقية تحتمل التكدّس السكاني.

هذا المقترح بقانون إن تم تمريره فسيزيد الطين بلّة، ويكون ثالثة الأثافي في مسلسل تشويه المناطق السكنية النموذجية ثم تشويه المناطق التجارية والاستثمارية تباعاً.

هذا المقترح سيكون الحلقة الأخيرة في التشويه في البناء وفي التنظيم العمراني إن وجد، بعد حلقة التشويه التي سبقته عام 2005، والتي سمحت بزيادة مساحات البناء بنسب وصلت إلى أكثر من 200 في المئة زيادة ببعض القسائم، هذه الخطوة التي كانت الحلقة الأولى التدميرية التي لاصقت البيوت بعضها ببعض وكانت مجزرة للأشجار والحدائق المنزلية، التي كانت تضفي جمالاً داخل المنازل وعلى مشارفها، وقد تحوّلت المساحات في المنازل إلى غرف وحجر اسمنتية وتحوّلت الحدائق الخارجية للمنازل والأشجار إلى مظلّات حديد لسيارات المستأجرين.

ليس هناك تشكيك في حسن نية النائب بأن يقوم بدعم بعض الفئات التي تشعر بأنها تعرضت للظلم، أو لم تحظ بالعدالة في مساحة قسيمتها السكنية، لكن الحل لا يكون بتدمير إضافي بهيئة وشكل وجمالية المناطق إن بقي لبعض المناطق شيء من الجمال العمراني أو شيء من التنظيم. ولا يخفى أنه مع التكدّس في البناء تزيد مشاكل أخرى من تلوث وعدم وجود مواقف للسيارات وتكون مناظر حاويات القمامة سمة للمناطق التي تشهد تكدّساً سكانياً بالإضافة إلى التشوّه البصري. من الممكن لمن يشعر

بالظلم أن تكون له حلول أخرى، بأن يطالب بقسائم أكبر حجماً، من دون المس بالتنظيم العمراني الذي هو منتهك بالأساس.

كان ضمن المناهج المدرسية بالكويت التدريس بأن الكويت سكانها قليل وهناك أراضٍ فضاء كثيرة، والبناء يجب أن يكون أفقياً وليس عمودياً لأسباب كثيرة تذكرها الدروس المدرسية بالسابق.

الغريب في الأمر ان الكويتيين شعب محب للسفر خصوصاً في فصل الصيف، ولا يكاد المرء يعرف أحداً من الشعب لم يسافر خلال فترة الصيف أو خلال العام خارج البلاد. أفلا ينظرون إلى التنظيم في المدن والمناطق السكنية في كثير من دول العالم! أفلا ينظرون إلى جمال البيوت والحواري في جارمش وميونيخ وماينز بألمانيا، أو إلى الطرقات المنظمة والحدائق الكبيرة والأنيقة في لندن رغم اكتظاظها بالسكان، أو إلى الشارع الرئيسي الممتد لعشرات الكيلومترات شرق وغرب طرابزون التركية، يمر بمحاذاة البحر ولا تنقطع عين المار فيه عن الشاطئ الفيروزي للبحر الأسود المحاذي له، لا يحجبه عن عينه شاليه ولا عمارة، بل منتهى التناسق والجمال.

قد لا يكون هناك حاجة للذهاب أو النظر بعيداً، فقط إلقاء نظرة إلى التطور العمراني في الدول العربية المجاورة، سيتضح مدى التراجع المحزن في التنظيم العمراني والجمالي في الكويت، رغم أن الشعب الكويتي كثير الأسفار مطّلع على الخارج وشعب ذكي ومثقف. خلاصة، المناطق في الكويت مشوّهة، هي تحتاج إلى عملية تنظيم واسعة، والكويت تستحق أن تكون أجمل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي