رؤية ورأي

شكراً... جنان بوشهري

تصغير
تكبير

الاستجواب الذي أعلنت النائب الدكتورة/ جنان بوشهري عزمها توجيهه إلى معالي وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء/ عيسى الكندري، على خلفيّة إقرار مجلس الوزراء حدود وشروط منح رواتب استثنائية للوزراء والقياديين، يرى مراقبون سياسيون أن الإعلان عنه كشف مرّة أخرى بعض «البنود الخفيّة» في التوافق الحكومي ـ النيابي الساري. لذلك تستحق الدكتورة الشكر على الإعلان.

فردود الفعل المعادية للاستجواب من قِبل نوّاب أو كوادرهم، وما جاء في تصريح الدكتورة اللاحق أوّل من أمس الثلاثاء، الذي فهم منه أنها لن تُقدّم الاستجواب، كلاهما حسب رأي هؤلاء المراقبين السياسيّين شاهد على أن أحد البنود الخفية – في التوافق الحكومي النيابي – قد فُعّل، وهو إعادة تطبيق قرار «المزمع» ولكن بنسخة مُحدّثة غير رسمية، عبر توجيه ضغوط من داخل وخارج المجلس على من ينوي تقديم استجواب، لمنعه أو دفعه إلى تأجيله.

فلا ردود الفعل المعادية للاستجواب تتوافق مع الأولويات المعلنة من قِبل هؤلاء النوّاب، ولا وقف أو تجميد (وليس إلغاء) القرار الخاص بالرواتب الاستثنائية، الذي بُلّغت به الدكتورة عبر رسالة «خاصة» يحتمل أنها شفهية، مُبرِّر مقبول لإلغاء الاستجواب أو تأجيله. لذلك، يعتقد هؤلاء المراقبون السياسيون أن قرار «المزمع» المُحدَّث طبّق على استجواب الدكتورة، فأجهض مبكراً.

ويضيف هؤلاء المراقبون السياسيون أن البند الخفي الآخر في التوافق الحكومي ـ النيابي هو قرار تحصين الحكومة برلمانياً، ليس فقط بالامتناع عن تقديم استجوابات، بل أيضاً بتحصينها من تشكيل لجان تحقيق برلمانية. فإلى جانب إسقاط طلبات التحقيق التي يُقدِّمها نواب غير معنيين بالتوافق الحكومي ـ النيابي، يمتنع نوّاب الأغلبية عن تقديم طلبات تشكيل لجان تحقيق في قضايا فساد، رغم امتلاكهم – حسب تصريحاتهم – وثائق ومستندات تُثبت التطاول على المال العام.

فأحد نوّاب المجلس المبطل الثالث أعلن في مقابلة متلفزة خلال فترة انتخابات المجلس نفسه، أنه يمتلك أدلة على أن أشخاصاً ووزراء حوّلوا أموالاً عامة إلى حساباتهم الشخصية. وعوضاً عن تسليم الأدلة إلى لجنة حماية الأموال العامة البرلمانية أو تقديم طلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية أو اللجوء إلى النيابة العامة، قرر هذا النائب تسليم الأدلّة إلى سمو رئيس الوزراء.

وإلى اليوم، رغم مرور ما يقارب سنة على تصريحه، وعدم مساءلة أي وزير على خلفية شبهة تحويل أموال عامة إلى حساباته الشخصية، لم يوظّف هذا النائب – العضو في المجلس الحالي – أيّاً من الأدوات الدستورية لمواجهة التقصير الحكومي تجاه الجريمة التي يمتلك أدلة الإدانة فيها.

بل إن بعض المراقبين السياسيين يعتقدون أن نوّاب الأغلبية يحصّنون الحكومة حتى من الأسئلة المحرجة. فعلى سبيل المثال، صرّح النائب المذكور في لقاء متلفز إبّان فترة انتخابات المجلس الحالي، أنه خلال فترة عضويته في المجلس المبطل الثالث وجّه (11) سؤالاً إلى رئيس الوزراء في شأن الفساد والمال العام، من بينها قضية الوزراء أعلاه.

ولكن إلى اليوم، بعد مرور ما يزيد على الشهرين على تاريخ الجلسة الافتتاحية، ورغم علم النائب سقوط جميع أسئلته التي قدّمها إبّان المجلس السابق، لا يوجد على منصة «نظام المعلومات البرلمانية» التابع للأمانة العامة لمجلس الأمة أي سؤال مُوجّه من النائب إلى رئيس الوزراء الحالي.

بناء على ما سبق، أدعو الدكتورة إلى الاستمرار في استخدام أدوات الرقابة الدستورية في الملفّات المالية، وإلى الصمود أكثر أمام الضغوط المتوقّعة. كما أناشدها، وزملاءها النوّاب الذين لم يُوقّعوا على «وثيقة القيم» إلى التصعيد من مستوى الاعتراض اللفظي إلى مستوى توظيف الخيارات والأدوات الدستورية الأخرى في كسر تحالف الحكومة مع نوّاب «وثيقة القيم» حول مشاريع تحويل هوية الدولة من دستورية إلى دينية... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه»

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي