مجرد رأي

راعي البسطة يرفع الأسعار...

تصغير
تكبير

من الواضح أن لدى مجلس الاحتياطي الأميركي (الفيديرالي) فريقين يتصارعان، وهما فريق إصلاح السياسة المالية مع فريق الإصلاح الاقتصادي إلا أن اليد العليا هي لفريق الإصلاح المالي الذي يستهدف منذ فترة كبح جماح التضخم، أكثر من تحقيق النمو الاقتصادي.

ونتيجة لذلك نجد أن قرارات «الفيديرالي» مرتكزة في تحديد اتجاهات الفائدة على البيانات، خصوصاً المتعلقة بالتضخم، ما قلل حظوظ النمو الاقتصادي، وأمام هذا الصراع لا يوجد توافق تحليلي على ماهية الخطوة المقبلة التي يمكن أن يتخذها في سبتمبر بخصوص سعر الفائدة،هل سيرفع أم سيثبّت أم سيخفّض؟ بالطبع هذه الفلسفة تشكّل قراراً ذاتياً لصانع السياسة النقدية في أميركا، ليس لأحد أن يملي عليه ماذا يفعل، فهو «أبخص» بقراراته، لكن لا يعني هذا أن الدول العربية وفي مقدمتها الخليجية ومنها الكويت لا تكترث بمثل هذه القرارات التي تنعكس عليها فوراً من نافذة الأسعار.

في الفترة الماضية، يشكو الجميع من زيادة الأسعار على جميع المنتجات وذلك عائد الى أن الكويت تستورد جميع سلعها من الخارج، ومن ثم من الطبيعي أن تتحرك أسعارها ارتفاعاً متأثرة بحركة ارتفاع الفائدة عالمياً التي تبدأ سلسلتها في أميركا وتجول في دول العالم وتستقر في أسواق الكويت.

وإذا كان لا أحد ينكر أن التضخم في الكويت مستورد ولا يمكن تجاهل تأثيرات ذلك، إلا أنه يمكن تخفيف أعباء ذلك على المواطن، وذلك من خلال اتخاذ جملة قرارات إجرائية من شأنها تقليل حدة الزيادة المطردة بالأسعار منذ فترة، والآخذة بالارتفاع بسبب حركة الأسعار عالمياً.

مرة ثانية لا أحد يتحدث عن عزل الكويت عمّا يجري في أسواق العالم من تغييرات متتالية في أسعار السلع، أو اعتبارها سوقاً استثنائياً لا يجب المساس بسلّم أسعارها مهما يحدث في العالم من تغييرات، لكن قد يكون مفيداً هنا الإشارة إلى قائمة خطوات اقترحها وزراء سابقون في وزارة التجارة والصناعة من شأنها توفير قسط من الهدوء للمستهلكين محلياً بخصوص حركة الأسعار التي بات تصاعدها شمولياً لجميع المنتجات الاستهلاكية.

ومن صور هذه المقترحات دعم الشركات والتجار المستوردين لتخفيف الضغوط المتأتية عليهم مقابل عدم اقترانهم بحركة الزيادات عالمياً، ويشمل ذلك إعفاء السلع الأساسية من رسوم الجمارك ورسوم الخدمات ورسوم الإفراج أو على الأقل تخفيضها على السلع الرئيسية موقتاً، مع تسهيل إجراءات الاستيراد وفتح المنافذ البرية والبحرية والجوية أمام السلع والتوسّع في إبرام الاتفاقيات التجارية والاستثمارية خصوصاً في مجال السلع الغذائية والثروة الحيوانية وتوفير المناطق التخزينية بأسعار مخفّضة أو مدعومة وبالطبع الاستمرار في تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، علاوة على ذلك وقف هامش ربح الجمعيات التعاونية عن بعض السلع الغذائية الأساسية موقتاً واستبدال قيمة المجاني بتخفيض قيمة السلعة وتقديم الدعم المالي موقتاً لشحن السلع الأساسية وتخفيض تكاليف شحنها، ونتيجة حتمية لهذه الخطوات وغيرها الكثير مقدم بالفعل إلى مجلس الوزراء في مرئيات واضحة يمكن الحد من ارتفاع الأسعار ومكافحة التضخم عالمياً بمعالجات محلية، لا سيما أسعار السلع الغذائية، لأنه بخلاف ذلك ستكون الحكومة في مواجهة زيادة الرواتب كل فترة لامتصاص الزيادات المتتالية في أسعار السلع.

واقتصادياً الكلفة ستكون مختلفة الأثر والقيمة، ففي حالة دعم الأسعار بالآليات المقترحة ستكون الكلفة على المال العام أقل وموقتة، أما زيادة الرواتب فستكون الكلفة على المال العام بسببها أكبر ومستدامة.

الخلاصة:

استمرار ارتفاع أسعار الأغذية في الكويت سيكون له تأثير اجتماعي كبير، وسيسهم في رفع مستوى التضخم وسيكون بإمكان الجميع ومن ضمنهم «راعي البسطة» التحكم بحركة الأسعار ورفعها كل فترة تحت عنوان الزيادة عالمية وتطبيقها إجبارياً، وبالتالي يجب أن تكون هناك مواجهة سريعة لهذه المخاطر من خلال تبنّي سياسات نقدية ومالية واضحة تدعم خطوات مكافحة التضخم.

أما الاعتماد فقط على دورة التشدد النقدي لبنك الكويت المركزي كرد على ارتفاع التضخم فلن يكبح ارتفاع الأسعار بل سيعوق التقدم باستدامة نحو مكافحة الغلاء لا سيما السلع الغذائية التي لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها مهما قلّص من احتياجاته.

وما يزيد من أهمية التحرك الحكومي الشمولي في هذا الاتجاه أن استمرار البنك الفيديرالي في رفع الفائدة سيجعلنا في الكويت وخلال المستقبل القريب نواجه تحديات أخرى غير ارتفاع الأسعار، وهي إفلاس شركات بسبب تضخم ديونها وعدم قدرتها على هيكلة قروضها ومن ثم ازدياد البطالة الوطنية في القطاع الخاص.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي