عُرفت الكويت بأنها من أكثر دول العالم ارتفاعاً بدرجة الحرارة ولعله يمثل أحد العناصر المنغّصة على الحياة بالنسبة للكويتيين أو بالنسبة لضيوفها من الإخوة العرب والأجانب.
ولقد عانى أهل الكويت قبل النفط من لهيب الصيف مع عدم توافر أجهزة التكييف والماء البارد، لكنها بلادنا وعلينا أن نتأقلم على العيش بها جيلاً بعد جيل إلى أن جاء مبتكر التكييف المهندس الأميركي «ويليس كارير» ليريح العالم، وعلى الرغم من أنه ابتكر التكييف في عام 1915م لكنه تأخّر أكثر من نصف قرن إلى أن وصل إلى الكويت.
وعلى الرغم أن الإحصاءات تشير إلى أن يوليو من عام 1978م تم تسجيل أعلى درجة حرارة وهي 51 درجة إلا أنني أعتقد أننا تخطينا ذلك كثيراً خصوصاً في ما يتعلق بالعاملين في حقول النفط بعمق الصحراء حيث تشير بعض الفيديوهات إلى وصولها إلى أرقام قياسية تتخطى السبعين درجة ولا أعلم مدى صحتها.
إنّ صيف الكويت يبدأ رسمياً في الحادي والعشرين من شهر مايو وينتهي في الرابع من نوفمبر بيد أن الاحتباس الحراري عبث بتلك الثوابت ليس في الكويت فقط بل وصل الأمر إلى بعض الدول المعتدلة الطقس صيفاً مثل قارة أوروبا وأميركا الشمالية وقد فقد البعض حياتهم جراء درجات الحرارة المرتفعة مع أن بعضهم لديه بعض الأمراض وليس لديه أجهزة تكييف.
ولا أعرف لماذا لم تعمل أي حكومة كويتية سابقة أو حاضرة على التقليل من ارتفاع درجة الحرارة غير الطبيعية مثل التخضير الذي ما زال دون مستوى الطموح بل إن تشجير الصحراء في المناطق الحدودية من شأنه أن يقلل من درجات الحرارة ومن معدل الغبار الذي بات يتزايد بصورة كبيرة في العقود الأخيرة مقارنة بالعقود السابقة.
ولا أعرف إن كانت هناك محاولة من قبل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية للبحث في إيجاد حلول مبتكرة في معالجة تلك المشكلة عبر الاستفادة من تجارب الدول المتطورة أو عبر الذكاء الاصطناعي.
قال لي صديق ولد في الكويت إنه يمكن شق لسان من الخليج العربي في داخل الصحراء في الحدود الشمالية وكذلك في الحدود الجنوبية لتكون هناك ممرات مائية في شمال وجنوب الكويت، ويمكن إيجاد النباتات والأشجار القادرة على تحمل درجات الحرارة المرتفعة ولا تحتاج إلى كمية مياه كبيرة لتنمو، إضافة إلى أنه يمكن استثمار تلك الأماكن في استراحات وشاليهات وفنادق ومحلات مختلفة، الأمر الذي يساعد على تشجيع السياحة وفق الشروط التي تناسب الدين والعادات والتقاليد.
ويعلق هذا الصديق على أن الشعب الكويتي رغم ارتفاع درجات الحرارة ورغم طبيعة الوجبات الكويتية المليئة بالدهون إلا أنه ما زال قادراً على العمل وعلى الكوميديا بصورة ساخرة في حياته في المنزل والعمل والديوانية لذا فإنه يطالب العلماء بإجراء فحوص دقيقة لمعرفة سر هذه الصفات في الإنسان الكويتي.
وبالنسبة لمن يعمل في مناطق مكشوفة في الكويت فان هناك مطالبات بوقف العمل بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، ولا أعرف معدل الانبعاثات الكربونية في الكويت إن كانت مرتفعة أم معتدلة مقارنة ببقية دول العالم، كما أنني من مؤيدي أن بعض العمال الذين يعملون في الأماكن المكشوفة نهاراً يمكن السماح لهم بالعمل مساء كي لا يتعرّضوا إلى مشاكل صحية بل إنني أطالب بدفع «بدل حرارة» وتحمّل الكفيل كلفة علاجه إن تعرّض لأمراض بسبب العمل في درجات حرارة مرتفعة في أماكن مكشوفة مثل عمال التنظيف وبعض المشاريع، حيث إن مثل تلك الأمور سوف تكون في صالح سمعة الكويت إنسانياً وفي جودة بيئة العمل.
ولا أعرف الكثير عن نجاح الكويت في التعامل مع البيئة بصورة صحيحة بل إنني لا أعرف مدى نجاح الكويت في الحصول على الطاقة الكهربائية من الرياح ومن ألواح الطاقة الشمسية وهل هي مناسبة خاصة مع عملية صيانة توربينات الرياح والألواح الشمسية.
وكم تمنيت لو أنفقت الحكومة بعض المال من أجل الحصول على حلول علمية وعملية للتقليل من ارتفاع درجات الحرارة غير الطبيعية في الكويت، منها الاستمطار الصناعي إن كان يصلح لتنفيذه في الكويت ولا نطمع بالثلوج، ولعل تقليل «السموم» عبر التشجير يقلّل من لهيب الصيف، كما أنه يساهم في تأصيل الأمن الغذائي في الكويت، ولقد قال لنا بعض كبار السن إنه تمت زراعة القمح في العديلية قبل أن تصبح منطقة سكنية، بيد أنني أتمنى من وسائل الإعلام المختلفة أن تتناول الصيف بالبحث العلمي وأثره على طبيعة الحياة في الكويت.
همسة:
يمكن إيجاد حلول ناجعة للتقليل من درجات الحرارة.