مشاهدات

ملامح من تاريخ ميناء الكويت قديماً (1 - 5)

تصغير
تكبير

الكويت والبحر توأمان، فمنذ القِدم امتهن الكويتيون الغوص بحثاً عن اللؤلؤ والعمل بالتجارة البحرية بينها وبين الدول الخليجية الأخرى

( العراق وإيران والبحرين ومسقط ) والكويتيون جابوا بحر العرب والمحيط الهندي ( زنجبار /الهند /...) وتمكّنوا من النجاح في هذا المجال لما لديهم من خبرات وفراسة في مسالك ومنازل النجوم والقمر لتحديد الاتجاهات وخطوط السير خلال الإبحار للوصول إلى تلك الوجهات البعيدة.

كانت المرافئ هي ( النقع البحرية ) المنتشرة على الساحل الكويتي ما بين كبيرة وصغيرة.

- (النقعة) عبارة عن حوض لرسو السفن محاطة بجدران من صخور البحر لحمايتها من الأمواج والرياح العاتية.

تمّ تأسس أول ميناء رئيسي في دولة الكويت واطلق عليه اسم ميناء السيف أو ( الفرضة ) بجانب الموقع الحالي لقصر السيف العامر والذي لم يكن له وجود قبل ذلك وتم بناؤه لاحقاً، وهو عبارة عن مرسى رئيسي موازٍ للساحل ترسو فيه الأبوام السفّارة والسفن الشراعية والتشاشيل ( الدُوَبْ جمع دوبة ) التي تنقل عليها البضاعة ويتم تفريغ البضاعة في ساحة فسيحة توضع فيها المواد المستوردة ومن ثم تنقل إلى المخازن الحكومية وإلى مخازن التجار ( مقابل سوق التجار ) في الجهة الموازية لقصر السيف، ليتم بعد ذلك نقلها إلى محلات التجزئة.

جميع البضائع القادمة عبر البحر كانت تصل الكويت بواسطة السفن الشراعية،واستمرت على ذلك الحال إلى ما قبل حكم المغفور له الشيخ / مبارك الصباح الذي سعى جاهداً إلى تشجيع البواخر التجارية على المرور عبر الكويت إذ إن تلك البواخر كانت ترسو في ميناءي بوشهر والبصرة، وبعد توقيع اتفاقية الحماية بين الكويت وبريطانيا عام 1899 أصبحت البواخر القادمة من بومبي إلى الخليج العربي (شركة الهند الشرقية الإنجليزية للملاحة ) تتوجه إلى الكويت مباشرة كل أسبوعين، ثم زادت رحلاتها في ما بعد إلى رحلة واحدة أسبوعياً، حيث تقف تلك البواخر قبالة سواحل الكويت لتتوجه إليها السفن الخاصة بتوصيل البضائع وإنزالها في (الفرضة) باستخدام (التشاشيل) أو (الدوب).

كان المرحوم / أحمد الخرس، مسؤول التثمين الجمركي يقوم بحساب الرسوم المفروضة على البضاعة والمخازن الحكومية وكانت عبارة عن بنايتين مسقوفتين بالجندل والبواري لحفظ البضائع من الأمطار خصوصاً ( الأرز / الشعير / القمح ) وسُميت هاتان البنايتان بـ ( عماير بو سالم )، ويوجد مكتب يتواجد فيه الشيخ/ صباح بن صباح المعروف بـ ( صباح السيف ) أو ( صباحين ) مهمته حفظ الأمن في الفرضة وكذلك تحصيل الرسوم على الابلام والسفن غير الكويتية بحيث يدفع كل بلم روبية واحدة نظير الرحلة ورسو سفينته في المرفأ ويطلق عليه ( مطرحانية ) ويتم حجر (سكان البلم) وهو عبارة عن عجلة خشبية تستخدم في تحديد اتجاه السفينة في مكتب ( صباح السيف ) لتتم إعادته لصاحبه بعد دفع الرسوم، وهناك من كان يدفع الضريبة العينية مثل ( السعف والكرب ) وتجمع في مخزن ( بخار) والمسؤول عنه عبدالرزاق بشير.

إنّ أول ميناء في الكويت كان ميناء ( الفرضة ) الذي يستقبل البضائع القادمة من الخارج، ويعتبر أكبر مركز لإعادة التصدير إلى الدول المجاورة.

استمر هذا الحال في (الفرضة) لفترات طويلة من دون تغيير يذكر إلى نهاية الثلاثينات وبداية الأربعينات من القرن العشرين عند ازدياد النشاط التجاري في الكويت خصوصاً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فتمت توسعة (الفرضة) في منتصف الأربعينات بدفن جزء من البحر بالرمل البحري وبناء عدد من المراسي فيها لمواجهة العدد المتزايد من السفن المتوجهة إلى الكويت.

إنّ موقع (الفرضة) قديما يشكّل منظومة النشاطين الاقتصادي والتجاري التي كانت تشهدها الكويت في ذلك الوقت والبوابة التي تواصلت من خلالها الكويت مع دول الجوار والحضارات الأخرى في الهند وشرق أفريقيا.

اللهمّ احفظ الكويت آمنةً مطمئنةً، والحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي