النائبة الفاضلة جنان بوشهري، والتي أحترمها وأحترم توجهاتها الإصلاحية، وفي مداخلتها على قانون «مفوضية الانتخابات»، استغربت النائبة وجود مادة تنص على الالتزام بالضوابط الشرعية، لتبدي استياءها وتساؤلها عن أي ضوابط شرعية نتحدث؟!
ثم استفاضت في أن هذا التشكيك في أخلاق المرأة الكويتية والذي يَطلب منها أن تلتزم بالضوابط الشرعية؛ يُشعر المرأة الكويتية بالإهانة.
ولأنني أعرف أن النائبة الفاضلة ليست إصلاحية فقط ولكنها أيضاً مثقفة ومُطلعة على حقوق الإنسان والتزامات حق الخطاب التنويري المستنير، فقد أضافت اللمسة السحرية بسؤالها عن أي ضوابط شرعية نتحدث؟ ومن يستطيع أن يفسر لي ما شكلها؟ ثم دخل على الخط النائب الفاضل عبدالوهاب العيسى، ليوضح لنا أن وجود هذه الفقرة من عدمها لا يؤثر على الممارسة السياسية، لذلك فالأفضل حذفها.
وبعد سماع المداخلتين عصفت بي مجموعة أسئلة مثل «طالما أن وجودها وعدمه لا يؤثر على الممارسة السياسية، وطالما أن الموضوع لا يتعلّق بالحجاب أو اللباس، فلماذا يمكن أن نتوقف عند المادة أو نطلب بحذفها، ولماذا لا نتركها من باب (البركة) والتبرك بالشريعة على الأقل!
وإذا كانت الضوابط الشرعية لا يمكن تحديدها أو تفسيرها، وإذا كانت المرأة الكويتية تشعر بالإهانة من وجود فقرة مثل هذه، فهل يجوز أن نتساءل أيضاً عن أي امرأة كويتية يتحدثون؟ ثم دخل على الخط نداء مُوقع من (نساء الكويت) نُشر في كل الصحف يُطالب بإنصاف المرأة الكويتية عبر حذف الفقرة في القانون!
فهل فعلاً يمكن أن نتحدث باسم المرأة الكويتية حول فقرة في قانون للمفوضية العليا غالباً لن تشعر بوجوده في حياتها بين بيئة ونظام اجتماعي توارث الهوية التي ترى أن المرأة مكانها ليس مجلس الأمة بل أن تكون (أمه)؟ وبأن الممارسة السياسية النسائية قد تم دفعها من الحكومة وكل التنويريين لكي تنجح... ولكن التجربة لم تأخذنا إلى أي مكان، وأنه للمرة الواحدة بعد الستين نقف ونخوض هذا النقاش حول مَن مِن حقه أن يتحدث باسم من؟ وبأن الجميع يتحدث باسم المرأة الكويتية منذ زمن طويل، دون أن تدري المرأة الكويتية لماذا حُشر اسمها في كل خطاب ومناسبة، دون أن يتوقف أحدهم ليتساءل (ما الذي تريده المرأة الكويتية حقاً وكيف يمكن لنا أن نسمعها جيداً)؟ وعن أي امرأة نتحدث وفي أي مرحلة عمرية وفي أي وضع اجتماعي وسياق اقتصادي».
وتساءلت أيضاً أليست «الضوابط الشرعية» هي نفسها الحس الكويتي المُتوارث المشترك تجاه تواجد المرأة والرجل في الأماكن العامة ومنها المناصب العامة... وأن ما يستهجنه الناس بفطرتهم ودينهم وعقولهم وما توارثوه فهو مستهجن، سواء للمرأة أو للرجل وما بينهما!
إذاً، فليس للموضوع علاقة بالضوابط الشرعية الفقهية مثل الحجاب أو اللباس الإسلامي من عدمه، ولكن المقصود هو الضوابط الشرعية الاجتماعية التي اتفق الناس أن ما سواها مستهجن وغريب ولا نرغب في وجوده.
من الآخر يا جماعة...
أعرف امرأة كويتية لا تريد سوى تعليم جيد لأسرتها، وصحة لوالديها، ووظيفة لأبنائها، وبلد ينمو لأجيال قادمة... فهل لديكم قوانين تهمها لكي تتحدثوا باسمها؟ أم أننا سنعلب لعبة «الإسلاميين والليبراليين» في كل فقرات القوانين المقبلة؟ وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
moh1alatwan@