No Script

حديث القلم

الغدر لا ينسى

تصغير
تكبير

مرّت علينا الذكرى الثالثة والثلاثون للغزو العراقي الغاشم، وهو تاريخ لن يُمحى أو يزول من الذاكرة، على الأقل لدينا نحن الجيل الذي عاش هذه المِحنة بتفاصيلها من اليوم الأول للغدر والاعتداء، وحتى فرحتنا بالتحرير واندحار المعتدين، تحت السماء السوداء والغيوم التي كانت تمطر علينا فتسود منها ثيابنا، وكم كانت تشبه سواد هذه الكارثة التي لم تلوّث بيئة الكويت فحسب، وإنما لوّثت التاريخ العربي الحديث، فكيف للجار العربي المسلم أن ينتهك حرمة جاره العربي المسلم، وكيف له أن يعض تلك الأيادي الخيّرة التي ساندته ووقفت إلى جانبه.

في الجهة المقابلة كان يقف النقيض، كانت تقف إلى جانبنا دول كثيرة شقيقة عربية وأجنبية، منها المدفوع بدافع الحب والنخوة الأصيلة، ومنها من اتخذ موقفاً على اعتبار أن ما حدث كان انتهاكاً للقوانين الدولية، المنصوص عليها في المواثيق وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة.

تفاصيل العدوان كثيرة، ولكل منا قصص سيظل يرويها طالما قلبه ينبض بالحياة، ودورنا اليوم أن ننقل تلك التجربة القاسية لكل الأجيال التي لم تعاصر هذا الحدث الجلل، حتى تبقى علامة تاريخية فاصلة في تاريخ الكويت، ليس بهدف تكريس الأحقاد والضغائن، وإنما هي أمانة تاريخية واجب علينا صونها، حتى تعلم الأجيال كلها التي تلينا كيف تتعاضد وتتحاب وتتكاتف حباً وعشقاً لهذه الأرض، وكيف تحافظ على البلاد بالحب والولاء الدائم والوقوف خلف القيادة السياسية، لأننا سنمضي وتبقى هذه الأرض وهذا الوطن.

رغم الألم الذي نشعر به كلما مرّ علينا يوم الثاني من أغسطس، إلّا أننا في الوقت نفسه نشعر بالفخر والاعتزاز ببطولات أبناء الكويت رجالاً ونساءً بل وأطفالاً، وسنظل نحمد الله على كرمه وفضله الذي لا ينكره إلّا جاحد، وكيف أن انهزم المعتدي وعادت بلادي وعادت الشرعية، ولم تنجح محاولات إلغاء الكويت، وهذه العودة التي جاءت بعد الفقد الموقت الذي ناهز السبعة أشهر، جعلتنا نشعر بقيمة الوطن.

في النهاية... أنا مصرُّ تماماً على تسميته بالغزو العراقي وليس الصدامي كما يحلو للبعض تسميته اليوم، ولديّ الحجج التاريخية والمنطقية التي لا يسع المجال لذكرها، ولكني كمواطن كويتي عاصر هذا الحدث وهذه المِحنة الكبرى، فإن العدوان الذي أذى بلادي في الثاني من أغسطس عام 1990 كان غزواً عراقياً، وهذا بالطبع لا ينفي الدور الغادر للنظام العراقي البائد، الذي كان سبباً في افتعال تلك الأزمة والزج بجيشه وشعبه ليواجه كل العالم، إرضاء لأطماع تاريخية مريضة كانت ترتكز على الباطل، من حقبة الدولة العثمانية، مروراً بالعهد الملكي العراقي، ومن ثم تهديدات عبدالكريم قاسم، ووصولاً إلى عهد صدام حسين.

وردة القلم:

أهديها لوزارة الإعلام الكويتية بكل منتسبيها الكرام وعلى رأسهم معالي وزير الإعلام، لأنّهم خصّصوا يوم الثاني من أغسطس بالكامل لهذه الذكرى، وهذا هو الدور الإعلامي الجميل الذي نتمناه، والذي يؤرخ ويذكّر الجميع بكل مناسباتنا الوطنية بأحزانها وأفراحها، فلكم جزيل الشكر وعظيم الامتنان.

twitter: @dalshereda

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي