ألوان

القاضي امرأة؟!

تصغير
تكبير

أحقاً انتهت مشاكلنا في المجتمع كي نناقش عبر أروقة مجلس الأمة الذي يتطلع المواطن الكويتي له كي يقوم بالمراقبة وبالتشريع لما هو الأفضل، خاصة أن تاريخ مجالس الأمة السابقة لا تجعلنا نفخر بما قالوه وفعلوه بدءاً بالاستجوابات لأهداف شخصية مروراً بمناقشة المظلات وانتهاءً بالقبيضة.

ولقد تابعت البيان الذي أصدرته جمعيات النفع العام حول ما يدور في البرلمان الكويتي من توجهات ضد مسيرة المرأة الكويتية ومكتسباتها والحريات العامة، عبر مشروع القانون المقترح من قبل الحكومة الكويتية في شأن إنشاء المفوضية العامة للانتخابات والذي تشترط فيه المادة السادسة عشرة على التزام المرأة بالقواعد والأحكام الإسلامية لمباشرة حقها في الترشح والانتخاب، ما يعد تعدياً سافراً على الدستور الذي يؤكد على أن حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان تبعاً للعادات، خاصة أن بعض أعضاء البرلمان تقدّموا باقتراح بمنع قيام المرأة بدور القاضية بحجة أن الشريعة تحرم ولاية المرأة بينما منصب القضاء انتقل في عصرنا هذا من طور الولاية الفردية إلى الولاية المؤسسية.

لست متخصصاً في الشريعة لكنني أعلم أن هناك اختلافاً وتبايناً في مفهوم ولاية المرأة، فهناك من يرفض وهناك من لا يمانع خاصة أن هناك تيارات إسلامية ومذاهب عدة تتفق في أمور وتختلف في أمور أخرى ومنها المرأة، وأذكر ما قاله الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الشيخ إبراهيم الفيومي، الذي أكد على أن الإسلام لا يمنع المرأة من تولي منصب معين وإنما يترك لها الحرية في اختيار العمل الذي يتواءم مع طبيعتها، وهذا ما أكده شيخ الأزهر الإمام الدكتور أحمد الطيب، الذي أيد أن تسافر المرأة لوحدها في الوقت المعاصر لسهولة السفر مع توافر الأمن، علماً بأن المذهب المالكي أباح للمرأة الخروج للحج من دون محرم، كما أضاف أنه يجوز شرعاً أن تتقلد الوظائف التي تناسبها كافة بما فيها وظائف الدولة العليا ووظائف القضاء والإفتاء.

وإذا سلّطنا الضوء على الحديث الشريف «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» فإن الدكتور محمد عبدالكريم العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي، دعا إلى فهم النصوص فهماً صحيحاً وعدم اجتزائها بهدف الوصول إلى المعنى الصحيح والصريح والمقصود للنص من التشريع الإسلامي، وجاء هذا الحديث عندما أبلغ الرسول عليه الصلاة والسلام، أن أهل فارس ملّكوا عليهم بنت كسرى، فقال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، كون حول كسرى القيادات القوية القادرة على قيادة فارس.

وإذا عدنا إلى التاريخ فقد كتبت نهاد أبوالقمصان، مقالاً أكدت فيه «أن الرسول عليه الصلاة والسلام، كان يستعين بالسيدات في أخذ الرأي، أي بلغة العصر (مستشارة)، بل ورد في السيرة أن بعض النساء كن يعملن قاضيات حسبة في عصر النبوة منهن سمراء بنت نهيك الاسدية، وغيرها، وان ليلى بنت عبدالله، عملت كقاضية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب»، انتهى الاقتباس، وهناك ثمل القهرمانة، التي تلقب بأم موسى القهرمانة، عملت كقاضية في بغداد ثم توالت الأسماء النسائية اللاتي عملن في القضاء في العصر الحديث بعد سقوط الخلافة الإسلامية تبعاً لقانون كل دولة عربية وإسلامية على حدة.

وقد أخبرني رجل فاضل كان يعمل قاضياً أن تفاصيل إصدار الأحكام يخضع لتفاصيل قانونية، فتهمة ما يكون حكمها السجن لمدة تتراوح من ستة شهور إلى ثلاث سنوات مثلاً وبالتالي فإن القاضي ملزم بتلك التفاصيل القضائية ولا يستطيع تجاوزها، أما مسألة أن المرأة أصبحت تشغل منصب قاض فإنها قد تتأثر نظراً لمشاعرها، فإن المشاعر مشتركة مع الرجل الذي يعمل قاضياً، والفيصل هو مدى كفاءة كل قاض سواء كان رجلاً أو امرأة.

وأتمنى من جمعيات النفع العام أن تسلّط الضوء خلال الموسم الثقافي الذي يبدأ عادة في شهر سبتمبر المقبل على تلك القضية المهمة مع فسح المجال لمشاركة كل الآراء المؤيدين والمعارضين، بدلاً من مناقشة قضايا أقل أهمية في المجتمع، وكذلك الدعوة مقدمة للإعلام الكويتي المقروء والمسموع والقنوات الفضائية لتحريك المياه الراكدة في بحيرة الثقافة الكويتية، خاصة أن الشارع الكويتي يتفاعل بصورة كبيرة مع مثل تلك القضايا ولا بأس بدعوة إدارة الفتوى والتشريع، وبعض علماء الدين، أمثال الدكتور خالد المذكور والدكتور عجيل النشمي والدكتور محمد العوضي، وما تلك الأسماء إلّا للذكر وليس للحصر.

وإذا نظرنا إلى التاريخ الكويتي فإن علماء حفروا أسماءهم منذ القدم في وجه التعصب الديني أمثال الشيخ عبدالعزيز الرشيد ويوسف بن عيسى القناعي وآخرين، وقد سطّروا عبر مواقف عدة ملاحم خالدة للوقوف ضد من لا يريدون خيراً لهذا البلد الطيب، وخير من تحدث عنهم في الصحافة الشاعر المبدع الدكتور خليفة الوقيان، في مناسبات مختلفة عبر مقالاته ومشاركاته الإعلامية المختلفة، ناهيك عن قصائده التي تعبر عن هموم المواطن الكويتي والأمة العربية.

وشر البلية ما يضحك... إن كلية الحقوق تضم أساتذة من النساء وهن متميزات ويقمن بتدريس الطلبة الذكور الذين سيصبح بعضهم قضاة؟!، والأمر أشبه ببعض أعضاء مجلس الأمة الذين يرفضون حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية لكنه لا يجد مانعاً من مشاركة النساء عندما يترشح لمجلس الأمة، لأن النساء عددهن يفوق عدد الرجال في الكويت.

همسة:

وصلت المرأة الكويتية إلى معظم الوظائف وستصل إلى القضاء،،، إنها مسألة وقت.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي