حروف باسمة

أبو الشهداء... نبراس الهدى وفنار النجاة

تصغير
تكبير

الحرية فكر عظيم لها عِطر فوّاح في القلوب التي تتوق لها، وبابها لا يطرق إلّا باليد المضمخة بالدماء، والأحرار فكرهم عجيب وإصرارهم بليغ ومداهم عميق، فإذا ما عمّ الظلم والاستبداد والطغيان فإنهم يثورون من أجل دحر الظلم والطغيان.

لذلك، قام أبو الشهداء بثورته عندما عاد ساد الظلم والطغيان والاستبداد.

نهض أبو الشهداء وخرج بأسرته على قلة العدد وخذلان الناصر ليعلن بأن الظلم لا يدوم، وأن الظالمين مصيرهم الاندحار.

خرج أبو الأحرار ليعلن للدنيا بأنه لم يخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً، إنما خرج لطلب الإصلاح في أمة جده رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.

وكان دعاؤه في نهضته (اللهمّ أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحياة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو أنزلته بك وشكوته إليك رغبة مني إليك عمن سواك ففرّجته وكشفته فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة).

لقد واجه الإمام الحسين، عليه السلام، الأعداء بكل ما لديه من قوة وإصرار وعزيمة من كوكبة قليلة من أصحابه ضد جيش الجور والطغيان الذي يفوق بعدده الكثير جيش الإمام، وواجه بكل ثقة.

قدّم أبو الأحرار عليه السلام ولده الأكبر وأخاه أبا الفضل العباس وابن أخيه القاسم بن الحسن مع كوكبة من أهل بيته وأصحابه الذين دافعوا بقوة وإخلاص وعزيمة منقطعة النظير.

منع القوم الماء عن أبي عبدالله الحسين وأصحابه وأهله...

أراد أن يسقي طفله الرضيع جرعة من الماء فحمله إلى الأعداء وطلب منهم جرعة من الماء، ولكنهم سدّدوا له سهماً محققاً فأردوه صريعاً.

ما أقسى هؤلاء الظالمين! لم تكن في قلوبهم رحمة لصغير ولا لكبير ولا لامرأة حتى الرضيع لم تكن في قلوبهم رحمة ليرحموه.

سيدي يا أبا عبدالله، أيها الصابر المحتسب الذي قدّم للإنسانية معنى الصبر وكيفيته وماهيته، حتى قال كثير من المفكرين ومنهم غاندي:

(تعلّمنا من الحسين كيف نكون مظلومين فننتصر).

أحرق الظالمون مخيم أبي عبدالله الحسين، عليه السلام، ففرّ أهله وعياله ووقفت أخته زينب تجمع العيال وتسكنهم وتصبرهم وملء قلبها الإمام زين العابدين، الذي كان مريضاً في ذلك الوقت.

إنّ المتأمل لفاجعة كربلاء يبصر الظلم وصنوفه وأبعاده وأحوال الظالمين وقسوة قلوبهم ويستبصر أحوال الصابرين المحتسبين الذين ظلّ ذِكراهم يدوي في أنحاء المعمورة في كل عام إنما في كل يوم تؤخذ الدروس والعِبر من رحمة الحسين وصبره ودفاعه عن أمة جده رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.

السلام عليك يا سيدي يا أبا الأحرار في كل يوم تطلع فيه الشمس لنستبصر صبرك وإصرارك ونصرتك للمظلوم وعطفك على البائس المحروم.

وثيقة من رسول الله باقية

يعلو الحسين بها فوق السهى رتبا

حسين مني سراج مشرق

وأنا من الحسين فيا أكرم به نسبا

الوحي أول ما أهدى صحائفه

كان الحسين من الأنوار مقتربا

هذا التراث الذي فاز الحسين به

عن جده لم يرث مالاً ولا نشبا

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي