من منظور آخر

الوردي أم الأزرق ؟

تصغير
تكبير

الوردي أم الأزرق...؟ من خلال اللون ستعرف ما هو جنس الجنين.

منذ تلك اللحظة تبدأ الفروقات بين البنت والولد، فتتربى البنات بمفاهيم تربوية واجتماعية مختلفة عن الذكور.

فمثلًا يجب على الفتاة أن تحب الطبخ والخياطة، بينما الذكر يهتم بالأمور الالكترونية. من الطبيعي أن تبكي الفتاة لكن من المعيب أن يبكي الذكر، كما لو أن العاطفة حصر على جنس دون آخر.

السؤال هنا، لِمَ هناك أدوار وصفات ترتبط بالفتيات، وأدوار وصفات ترتبط بالذكور؟ هل يعني ذلك بأننا نحن من نربي النساء والرجال على تلك الأدوار والصفات منذ الطفولة؟

النساء كما يصفهن المجتمع خُلقن ليكنّ زوجات وأمهات، والرجال خُلقوا ليكونوا قادة، سواء في المنزل أو في المجال العام. لكن لماذا صنعت كل تلك الأفكار وصارت ثقافة متجذرة في المجتمع؟ مَن المستفيد؟ هل يتم تنميط وتحجيم النساء في اطار معين، ويبقى كل شيء تحت سلطة الرجال؟

عندما نولد يُحدَّد الجنس إن كان ذكراً أم أنثى بناءً على شكل العضو التناسلي. بعد ذلك توضع الأنثى في قوالب تحدد لها صفات وسلوكيات ودوراً معيناً، ويُحَدَّد للرجل أيضاً صفات وسلوك ودور. هذه السلوكيات والصفات التي يرسمها المجتمع للرجل والأنثى ويحدد لهما ما هو المقبول وغير المقبول تسمى بالــ«جندر».

حيث إن الإطار الذي يضعه المجتمع للنساء يطلب أن يَكنّ لطيفات ومضحيات وعاطفيات وجميلات، ويجب عليهن أن يكون جل اهتمامهن بشكلهن وشعرهن وملابسهن. حتى يؤهلهن لدورهن الطبيعي في الحياة وهو الزواج والإنجاب، ومن ثم يَكنّ أمهات صالحات. أما إذا انتقلت النساء إلى عالم الوظيفة، فعليهن بأعمال الرعاية، كممرضات أو مدرسات.

أما الرجال فيرى المجتمع أنهم خُلقوا بطبيعة قيادية ومسيطرة، تؤهلهم لدورهم في الحياة، وهو حماية النساء. ولأنهم عقلانيون كما يصفهم المجتمع، لذا هم الأجدر بالقيادة من النساء، هكذا يكون لكل من الرجل والمرأة دور محدد مسبقاً في الحياة.

كل هذه الأدوار والصفات التي تحدد مسبقاً ووضعت في قوالب نمطية منذ ولادتنا، يغذيها المجتمع من خلال رسائل غير مباشرة، ومن خلال الإعلام، والأفلام، والمسلسلات، والكتب، والروايات، والأساطير وحتى الأمثال الشعبية. كل شيء يعلمك ويغرس بعقلك بأن لكل منا دوراً مختلفاً.

تبدأ الأزمة عندما تريد امرأة تجاوز الصورة النمطية والأدوار الاجتماعية، وكسر المعايير المجتمعية، والسلوكيات التي تُنَمَّط بها المرأة، أو امتهان مهنة رجالية في عرف المجتمع، مثل العمل بالميكانيكا أو المحاماة.

العكس أيضاً صحيح، فبالتأكيد نعرف كيف ينظر المجتمع إلى راقص باليه، أو مصمم أزياء، يبدأ المجتمع حينها بالتشكيك في قدرات النساء، أو التشكيك برجولة الرجل. عبَّر عن هذا المفهوم الفيلم المصري.

في الواقع هذه الأدوار النمطية تتحول إلى عبء على النساء والرجال أيضاً، إذ يُطلب من النساء إتمام كل الأعمال المنزلية بالإضافة إلى تربية الأطفال، دون مشاركة الرجل والذي يعتبر شريكاً في تلك العائلة لأنه «عيب»، والرجال أيضاً عليهم البحث عن وظيفة سريعاً ومحاولة ادخال الأموال حتى يتمكن من الزواج، أو يكون موظفاً يليق به كرجل بعرف المجتمع.

ليست الطبيعة أو الفروق البيولوجية هي التي فرضت علينا هذه الأدوار، بل التنشئة والثقافة المجتمعية التي صنعت أدواراً توارثها المجتمع، وتشترك كل مؤسساته ومنظوماته في تغذيتها، ويُجبَر كل من المرأة والرجل على اعتناقها منذ يومهما الأول في الحياة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي