No Script

نقطة على الحرف

عدنا والعود أحمد

تصغير
تكبير

«ها نحن عدنا ننشد الهولو على ظهر السفينة... ها نحن عدنا ننشد الهولو، عدنا للمدينة... ها نحن عدنا يا كويت لشواطئك الأمينة. وقلادة شوقنا لك من أمانينا الدفينة». كلمات حاضرة ومحفورة في وجدان كل كويتي من أجمل ما كتب الشاعر القدير محمد الفايز، رحمه الله، ولحنها القدير غنام الديكان، وشدا بها العم عبدالعزيز المفرج (شادي الخليج)... كلمات كلها شوق وحنين إلى الأهل والوطن بعد شهور السفر والغربة ومكافحة الأهوال والمخاطر في البحار لضمان العيش الكريم عندما كانت لقمة العيش صعبة والموارد شحيحة إلى أن أنعم علينا الباري بنعم لا تعد ولاتحصى، فله الحمد من قبل ومن بعد.

ها نحن عدنا بمفهوم آخر إلى العمل النيابي والحياة البرلمانية بعد مخاض من الحل الدستوري... وعادت عجلة البرلمان بالحركة والجميع يترقب ويراقب ويراهن على الوعي الشعبي، هل وصل إلى درجة من النضج أم ما زال أسيراً للأهواء والمناكفات التي لا تغني ولاتسمن من جوع.

يقول الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو «رصيد الديموقراطية الحقيقي ليس في صناديق الانتخابات فحسب بل في وعي الناس»، الوعي يتطلب بالدرجة الأولى الارتقاء بلغة التحاور وعدم اجترار الماضي وسلبياته بل البحث عن الإيجابيات والبناء عليها... الوعي يتطلب شعباً لا ينجرف إلى الفجور في الخصومة مع أي طرف فالجميع بشر والبشر خطاؤون. يقول إبراهام لينكولن (بما أني لا أود أن أكون عبداً فلا أود أن أكون سيداً)... وربما تكون أخطاؤنا هي مفاتيح نجاحاتنا في التعلم منها وعدم تكرارها ومعاودتها...

أهم درجات الوعي هي مراقبة الأداء فكما يقال «لا ديموقراطية بدون مراقبة»... ونضيف على ذلك لا ديموقراطية في ظل وجود صراخ وخطاب تصعيدي وكأننا لم نتعلم من الدروس بل نريد أن نعود إلى نقطة البداية...

الجميع مدعوّ اليوم إلى التحاور والتعاون وفهم فلسفة الديموقراطية الصحيحة القائمة على الأخذ والعطاء والحوار الهادف البناء، فالجميع ينتظر إنجاز العديد من الملفات التي لاتعد ولا تحصى. دعونا نصحو من الغفلة ودعونا من النرجسية الزائدة... نحتاج ديموقراطية حقيقية تؤمن بالرأي والرأي الآخر وتؤمن بحق الجميع في الوطنية والولاء... نحتاج ديموقراطية اجتماعية في الأساس قبل الديموقراطية السياسية، فمن المفارقة الغريبة أن هناك من ينادي بالديموقراطية وهو ينخر في جسد الوطن بخزعبلات العنصرية والطائفية. يقول مارتن لوثر كنغ «الديموقراطية ليست استفتاء بالأغلبية، فلو استُفتي الأميريكيون لظل السود عبيداً».

وأخيراً، دعونا نعود وننشد الهولو على ظهر سفينة الديموقراطية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي