إنّ المناهج على مختلف أشكالها وألوانها، ليست هي التي تحمل الناس إلى الغايات التي يريدونها، والمنطلقات النظرية في كل أمور الحياة، ليست هي التي تنقل الناس من حال إلى حال.
إنّ الله - سبحانه وتعالى - حفظ الدين، وظلت قطعيات الشريعة دائماً واضحة، لكن المجتمعات الإسلامية مع ذلك تراجعت عما كان عليه أسلافها، لأنها لم توفّر الشروط والبيئات التي تساعد المنهج على أداء دوره في حياة الناس.
والعيش في هذا الزمان المعقد، يتطلّب من الإنسان أن يستنفر كل قواه... الروحية والعقلية والجسمية والمهارية، حتى لا يُهمّش أو يجد نفسه تابعاً ذليلاً لجهة ما، أو يجد نفسه كسيراً حسيراً، لا حول له ولا طَوْل.
إنّ الحياة العامة التي يعيشها كثير من الناس ليست حياة سوية، حيث اختصروا الحياة في المجال الاقتصادي للتنافس بينهم، وما يتبعه من متاع الدنيا، وصار المال محور الحياة الحديثة أكثر من أيّ وقت مضى، فعن طريقه يُمكن الوصول إلى أيّ شيء، كما يُمكن دفع أي شيء، وبه يمكن ستر أي شيء... وألغوا الأنشطة الروحية والأدبية، والرؤية الإسلامية في مسألة المال والاقتصاد والكسب والإنفاق، رؤية تميل إلى التوازن والاعتدال، وهي رؤية مترابطة، تراعي مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة في آن واحد، كما تراعي حيثية كون الدنيا مزرعة للآخرة، وكونها دار ممر، لا دار مقر.
لا يخفى على أحدٍ منّا أننا بحاجة دائماً إلى الثقة بأنه مهما ساءت الأحوال، واشتدت الكروب، فستظل هناك فرص وخيارات، لكن قصورنا الذاتي وضعف شفافيتنا تجاه الفرص، هما اللذان يحولان دون الاستفادة منها، واستخدامها في تجاوز الحالات الصعبة، كي نستطيع التكيف والعيش في الزمان المعقد الصعب.
M.alwohaib@gmail.com
mona_alwohaib@