أصدرت جمعيات النفع العام في الكويت بياناً استنكرت فيه عملية تنظيم وحماية السويد لقيام مهاجر عراقي بحرق القرآن الكريم أمام أحد المساجد في العاصمة السويدية، استوكهولم، بالتزامن مع احتفال المسلمين بعيد الأضحى المبارك.
ولا اعرف عملية هذا الرجل المعتوه الذي لا يمثل إلا نفسه، كون العراق بلداً مسلماً عربياً احتضن الحضارات وتعايشت فيه الديانات كافة بسلام، فيأتي هذا الأرعن والذي لا نعرف ان كان لوحده في هذا التصرف الاحمق أم انه مدفوع من قِبل منظمة أو جهة ما كي يحصل على مقابل دنيوي.
واذا ادعى البعض من انها عملية حرية فكر وحرية تعبير، فإن ذلك الأمر هو مرفوض، كون الحرية لها مفهومها وحدودها المبنية على احترام الثقافات الأخرى وعدم ازدراء الديانات الأخرى، فلكل شيء حدود.
وعلى الرغم من انني أؤكد على عملية رفض أي إساءة تذكر إلى أي ديانة أو ثقافة، إلا انني أتساءل لمن يدعي كذباً انها عملية مرتبطة بحرية التعبير عن الرأي فأقول لهم ماذا لو قام شخص بحرق الكتاب المقدس «الانجيل» امام اكبر كنيسة في السويد، أو فلنقل ماذا لو قام شخص بحرق «التوراة» أمام كنيس يهودي؟
ان الغرب بشكل عام والسويد بشكل خاص، انما لها تاريخ طويل في عملية الإساءة لكل ما هو مرتبط بالديانة الإسلامية دون غيرها، وما زلنا نتذكر الاعلام السويدي واساءته للاسلام بل اننا ما زلنا نتذكر الرسام لارش فيلكس، الذي قام برسم رسومات مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، وقد قامت الشركة بحراسته إلى ان اصطدمت سيارته بشاحنة ليلقى حتفه في عام 2021م.
ويأتي دور الشرطة في السويد اكمالاً لدور سابق لها متمثلاً بحمايتها لزعيم «الخط المتشدد» الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان، حين قام بحرق نسخة من القرآن الكريم قرب السفارة التركية في ستوكهولم.
والسويد تدعي انها بلد الثقافات المتعددة لكنها لا تقوم باثبات ذلك بصورة عملية، كونها قامت بالكثير من الأمور السيئة تجاه الأسر السويدية المسلمة، آخرها فصل الأطفال عن أسرهم بحجج واهية.
وقامت السويد بتصرفات كثيرة تدعم بعض الجهات الإرهابية في أراضيها ما دفع بالرئيس التركي رجب طيب أردغان، في اكثر من موضع للإعلان عن ان بلاده لا يمكنها الموافقة على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي «الناتو» قبل إيجاد حل لمسألة مكافحة الإرهاب.
والمسألة ليست مرتبطة بالسويد فقط بل هي منظومة متكاملة سياسياً واقتصادياً وإعلامياً واجتماعياً لمحاربة الإسلام في قارة أوروبا التي قامت بتسويق «الاسلاموفوبيا» في مجتمعاتها دون محاولة الدمج، لنجد أمامنا سلسلة من الحوادث العنصرية والتصرفات المرتبطة بالكراهية والاستفزاز والاهانات والاعتداءات الجسدية واللفظية وغيرها من التصرفات المرفوضة في عالم يدعي انه متحضر.
وهناك بعض الدول التي قامت برفض النقاب أو الحجاب، وهو توجه ضد المسلمات فقط وإلا لماذا لا يتم منع المحجبات من السيدات المسيحيات اللاتي تطوعن ليكن راهبات في الكنيسة؟ وهنا يبرز سؤال مهم وهو هل السيدة مريم أم المسيح عليه السلام كانت محجبة أم انها سفور؟
يقول المفكر السياسي الدكتور عبدالله النفيسي، ان فكرة ان العالم الأوروبي علماني هي فكرة بحاجة الى إعادة نظر كون كل بلد أوروبي يوجد به حزب سياسي مسيحي، كما ان أوروبا ترفض المهاجرين إليها من افريقيا لكنها ترحب باللاجئين الاوكرانيين!
وقد تم قبول أكثر من بلد أوروبي في الاتحاد الأوروبي من شرق أوروبا أو من حلف «وارسو» سابقاً، بيد انه تم رفض قبول البوسنة والهرسك وتركيا رغم التنسيق الواسع مع تركيا، والسبب ان قادة أوروبا ينظرون إلى ان الاتحاد هو «نادٍ مسيحي» !
ان المهتم بتاريخ الديانات فانه يستشف بكل وضوح ان الديانات السماوية اليهودية والمسيحية والإسلام ولدت في الشرق الأوسط، وفي العديد من المدن الإسلامية كان هناك تعايش كبير في الاندلس وفي المغرب العربي وفي المشرق العربي رغم بعض الخيانات كما حدث في مساعدة الاستعمار في القسنطينة في الجزائر، ومن يقرأ تاريخ الإسلام الحقيقي فانه يجد مكانة مرموقة إلى الموالي لكنهم اصبحوا ساداتنا في الإسلام الذي لا يفرق بين عرق أو لون فكان هناك اعتزاز بصهيب الرومي وبسلمان الفارسي وبمؤذن الإسلام بلال بن رباح.
كما قام السلطان محمد بن مراد بن محمد العثماني المعروف باسم محمد الفاتح، بفتح القسطنطينية في عام 1435م، واشتهر بالتسامح مع الآخر وقد سمح بممارسة عباداتهم وبيوتهم وأموالهم، وتكرر ذلك في كل بلد يتم فتحها لضمان حقوقهم الدينية والمدنية.
وفي الختام، على الغرب أن يعود إلى رشده فقد باتت صورته أكثر بشاعة مما كانت عليه في السابق ومن يريد المزيد فعليه ان يتابع المحاضرات التي يلقيها المفكر الكويتي مهنا المهنا، عبر «اليوتيوب» فانه يقدم لنا جميعاً الصورة الحقيقية لاوروبا.
همسة:
الإسلام محمٍ بقدرة الهية ولا يمكن لأي قوى القضاء عليه.