مشاعر الغضب والقهر والحزن تشعر بها المرأة وتزداد عبر المرور بمراحل حياتها، مشاعر طبيعية في ظل حياة غير عادلة وكل شيء ليس على ما يرام، نشأت نتيجة الظلم والتمييز والاضطهاد، وسلب الحقوق، في مجتمعات ذكورية لا تأبه بكيان المرأة، والتمييز الذي لم يطُل جنسها فقط بل حتى في حقها بإبداء تلك المشاعر.
مجتمعاتنا مهووسة بالألقاب والتصنيفات، كل شيء وكل شخص هنا قابل للتصنيف والحصول على لقب بناء على نظرة الآخرين، فغير المتزوجة تُلقّب بـ «العانس»، حتى المرأة التي صرخت عالياً ضد الظلم أو طالبت بحقوقها طالتها الألقاب فتُلقّب إما بالغاضبة أو الحساسة.
ذات يوم، عندما كتب أحدهم نكتة استهزاء بالمرأة عبّرت النساء بأن النكتة مسيئة، لكن الرد كان ساخراً على غضبهن وبأنهن أعطين الموضوع أكثر مما يستحق، لم يفهم حتى غضبهن، ولم يشعر أحدهم بأن هناك جنساً كاملاً تعرّض للسخرية، وتلك السخرية مرتبطة بأمور كثيرة في حياة كل واحدة منهن، تلك النكتة تمس حياتهن اليومية، وكل موقف مررن به كان بسبب تلك السخرية.
ذلك يحدث يومياً حين تعترض المرأة أو تغضب، أو تبدي ملاحظة، يُقال عنها حساسة أو عصبية، أليس الغضب ردّ فعل طبيعي أمام الظلم؟
في الحقيقة: تلك الألقاب تسلب حق المرأة بإبداء مشاعرها كالغضب، ولو كان عن عمد أو لا.
وعندما بدأت الحركة النسوية في الدول العربية والخليجية، صارت تُلقّب بسليطة اللسان، وعندما يعرف أحدهم أنك نسوية سيُقال عنك صاحبة شخصية صعب التعامل معها، أو أنك كارهة للرجال، ثم يتحوّل النقاش إلى تحليل شخصية ومحاولة إثبات العكس، بدل النقاش حول التاريخ الطويل من القمع والتمييز.
في إحدى المقابلات التلفزيونية سألتني المذيعة عما إذا كانت التحركات النسائية عبارة عن «تحلطم»، أجبتها بأنه غضب ناتج من الظلم عبر التاريخ، لم ننكر مشاعرنا، من الطبيعي أن يشعر المرء بالغضب عندما يكون هناك ظلم، بل إنه ليس من الطبيعي ألا نشعر بالغضب أو ألا نشعر بشيء على الإطلاق.