مازال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يواجه أصعب الظروف، فهو يواجه لائحة اتهام بلغ عددها 37، تتعلّق معظمها باحتفاظه وثائق سرية بصورة غير قانونية أخرجها معه من البيت الأبيض عند انتهاء فترة ولايته، ولم تكن لديه السلطة القانونية وتم عرقلة جهود استعادتها، وكذلك تُهم أخرى تتعلّق بإساءة التعامل مع أسرار حكومية وهي باعتبارها من أخطر التحقيقات الجنائية التي حتماً ستهدد مشواره الانتخابي عند محاولته الفوز مجدداً بمقعد رئاسي في البيت الأبيض، فهو أول رئيس سابق للولايات المتحدة الأميركية يواجه هذا الكم من الاتهامات الفيديرالية في تاريخ الولايات المتحدة وهذا ما جعل أنصاره يحتجون ويتعاطفون معه.
وقد تظاهر نحو 50 ألف فرد من أنصاره احتجاجاً مع انطلاق محاكمته خارجين بشوارع مدينة ميامي وخارج قاعة المحكمة، ما أدى إلى غضب وتصادم مع الشرطة، وتم تشديد الإجراءات الأمنية حول المحكمة وهي تسمى بويلكي د فيرغسون جونيور، فيما اعترض دونالد ترامب على الـ 37 تهمة قائلاً «لم يحدث شيء كهذا على الإطلاق ولم يحصل مثل هذه الحملة والمطاردة التي يشنونها ضدي أبداً ولكنهم مازالوا يطاردونني، إلا انني لم أستسلم»!
فالرئيس السابق ترامب تعهّد أمام أنصاره المتظاهرين بمواصلة الحملة الانتخابية التمهيدية للحزب الجمهوري مهما بلغ الأمر، حيث أكد على صموده في مشاركته السباق الرئاسي بغض النظر عن النتائج في القضية المنظورة أمام القضاء بعد توجيه اتهامات كيدية عدة، الأمر الذي جعل حلفاءه من الجمهوريين يتّحدون في الكونغرس دفاعاً عنه، وبالتالي قد تنتهي إلى شد الأحزمة والتحريض على العنف مرةً أخرى!
وقد سبق لترامب أن وصف وزارة العدل الأميركية بأنها كالوحش الشرير أمام شخص بريء، لذلك صعّد ترامب هجماته على الجهاز القضائي واعتبر توجيه الاتهام إليه رسمياً أمام محكمة فيديرالية في ميامي بأنه أسوأ استغلال للسلطة في تاريخ الولايات المتحدة، ما يهدد بتقويض ثقة الشعب الأميركي في دولة القانون!
وقال إنه ضحية مؤامرة دبّرها خصومه من الحزب الديموقراطي لعرقلة وصوله إلى البيت الأبيض الذي مازال يأمل بالعودة إليه في عام 2024 المقبل.
ثم ألقى ترامب خطاباً آخر أمام حشد من أنصاره في ولاية نيوجرسي اتهم فيه الرئيس الحالي جو بايدن بأنه فاسد ويسعى جاهداً لإطاحتي كوني الخصم السياسي الأبرز، لذلك تعتبر محاكمته هي وسيلة للتدخل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فوصف وزارة العدل بأنها فاسدة وتعمل لحساب اليسار الراديكالي! علماً بأن هناك وثيقة مهمة تتعلق بالأسلحة النووية وقد تدين ترامب قضائياً من بين عشرات الوثائق التي سحبت من منزله الخاص قبل أشهر عدة من بينها الوثائق الحكومية شديدة السرية التي تعرض الأمن القومي الأميركي للخطر، فلا يمكن رفع السرية عنها وفقا لمواد قانون الطاقة النووية، وبالتالي يعتبر الخبراء أن تلك الوثائق النووية لها إجراءات خاصة بينما نجد ترامب ليس لديه أدلة من الممكن تقديمها لرفع السرية عن هذه الوثائق قبل أخذها من البيت الأبيض، وان هذه الاتهامات تم توجيهها له بموجب قانون التجسس الذي يجرم الاحتفاظ غير المصرح به بمعلومات دقيقة عن هيئة الدفاع الوطني، وبالتالي هناك انقسام واضح بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري على خلفية هذه الاتهامات الجنائية التي وجهت أخيراً للرئيس السابق، ورغم ذلك فمازال ترامب يتمتع بشعبية كبيرة ودعم كبير من غالبية الحزب الجمهوري، فيما أظهر استطلاع شعبي بأن 81 في المئة من الجمهوريين لديهم قناعة بأن هذا الأمر وراءه دوافع سياسية، في حين أعرب نحو 90 في المئة من الديموقراطيين اعتقادهم أن الادعاءات بان ترامب قام بحفظ هذه الوثائق السرية في منزله من الممكن أن تكون صحيحة مثلما ورد في صحيفة الاتهام وهذا يضع البلاد في وضع خطير.
في النهاية ما نريد قوله هنا أن تصريحات ترامب النارية قد تثير مخاوف من حدوث أعمال عنف وشغب جديدة فهذا ليس ببعيد على قائد بسببه تم الهجوم على مبنى الكابيتول في يناير 2021، وبالتالي قد يتكرّر من أنصاره هذه الأعمال الفوضوية سعياً لمنع تثبيت فوز منافسه الديموقراطي جو بايدن في الانتخابات المقبلة، في حين قال المذيع الأميركي الشهير تاكر كارلسون إن قرار سجن ترامب تم اتخاذه في عام 2016، حينما صرّح بأن الاستقرار في الشرق الأوسط تمت زعزعته بعد دخول الولايات المتحدة للعراق، وأن الإدارة الأميركية كذبت في شأن أسلحة الدمار الشامل والمسؤولين كانوا يعلمون أن العراق لا يملك تلك الأسلحة، فما كان يجب عليهم دخول العراق من الأساس!
ولكل حادثٍ حديث،،،