أحمد والتأزيم
شتاء عام 1988 مكتب وزير الدفاع آنذاك سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح (أمير البلاد)،حفظه الله ورعاه، كنت قد تخرّجت من دفعة 17 ضباط مجنّدين وصدر قرار نقلي من سلاح الهندسة إلى مكتب وزير الدفاع.
فتح الباب الكهربائي لمكتب الوزير (مبنى دائري جديد) متصل بجسر صغير بمبنى الوزارة القديم، دخلت وأنا أبحث عن مدير مكتب الوزير، لاحظت أن هناك حركة في الغرفة التي على يدي اليسرى، اتجهت نحو الباب المفتوح، ضابط يقوم بنقل أغراضه ووضعها في علبة كرتون وهو يعطي الباب ظهره. طرقت الباب وبادرت السلام عليكم وأديت التحية، التفت نحوي بابتسامته المعروفة تفضل تفضل ملازم... إنت الجلاهمة صح؟ نعم.
قال أنا سامع إنه في ضابط مجند منقول عندنا في المكتب، بس للأسف أنا اليوم آخر يوم لي في الوزارة بتفرغ للرياضة ملعبي.
في هذه اللحظة، رجعت بالذاكرة إلى انتخابات نادي العربي لاختيار مجلس إدارة النادي لسنة 1987 حين حضرت إلى النادي وأمام باب الصالة التي يدخل إليها كل من يرغب في التصويت، كان يقف سمو الشيخ أحمد النواف وهو يحمل إشارة قائمة من بين أسمائها اسم الشيخ أحمد الفهد الضابط الذي استقال في أول يوم لي في مكتب وزير الدفاع.
أنا والشيخ أحمد النواف زملاء في وزارة الإعلام منذ منتصف الثمانينات وكان وقتها سمو الشيخ ناصر المحمد وزيراً للإعلام وهو من تبنى الشيخ أحمد النواف إدارياً في الوزارة، لكن الشيخ أحمد النواف كان له طموح آخر وهو المجال العسكري وفعلاً انتقل من الإعلام إلى وزارة الداخلية.
الشيخ أحمد النواف حين رآني مقبلاً اتجه ناحيتي وقال لا تخلي قائمتي... قلت له أنت غير موجود فيها، قال أنا أحمد النواف يعني أحمد الفهد اعرف ان القائمة المنافسة فيها العم جبر الجلاهمة (رحمة الله عليه). لكن لا تخلي أحمد أنا وهو واحد.
لحظتها، عرفت مدى كبر حب الشيخ أحمد النواف للنادي، فهو لو نزل الانتخابات لنجح وأصبح رئيس النادي (في زمنه عندما كان مدير فريق كرة القدم) حقق النادي بطولات ما زال يتذكّرها أبناء النادي العربي. فهو اختار شخصاً وتبنى موهبته لكي يصل إلى إدارة النادي ودعمه بكل قوة وبكل ما لديه من شعبية في النادي. أعطاني الشيخ أحمد النواف القائمة وعرّفني يومها على الشيخ أحمد الفهد وكان هذا أول لقاء لي معه وبعدها أمسك بيدي عمي جبر،رحمة الله عليه، وقال لي: انت ملتزم مع ربعك؟ خلك على التزامك... أنا ناجح، لكن للأسف قائمتي صعب أن تنجح شكلها «فارطة». وفعلاً، ظهرت النتائج ونجحت مجموعة الشيخ أحمد النواف برئاسة المرحوم أحمد عبدالصمد ونجح الشيخ أحمد الفهد وحصل على منصب نائب رئيس مجلس الإدارة وكذلك المرحوم العم جبر الجلاهمة، لكن المجلس لم يستمر بسبب الاستقالات ولم يكمل عمره.
سمو الشيخ أحمد النواف آخر شخص في الكويت يرغب في أن تعيش الكويت حالة من التأزيم السياسي واستمرار حالة الجمود، فهو منذ تشكيلة الحكومة الأولى كان يشعر بأنه (حر بجناح واحد) الشيخ طلال الخالد الرجل السند، ولذلك كانت الملفات الكبيرة تعهد له من قبل سمو الشيخ أحمد النواف. كان بحاجة إلى جناح آخر ولاعب له خبرة في التعامل مع مجلس الأمة والتحرك السياسي الداخلي والتعامل مع الملفات المحلية، كل هذه الصفات وجدها في الشيخ أحمد الفهد، لذلك اختاره ليُحلّق بحكومته ولتستقيم الأمور. هذا رأي له خلفية تاريخية من خلالها حكمت على ما يحدث في الوقت الحاضر.
دعونا نفتح ملفاً جديداً للحياة السياسية في الكويت... الكويت وشعبها بحاجة إلى أن نستقر كما قالت صحيفة «الراي» ونبني بلدنا.
يا فرحة...
ناجحة بكل المقاييس جلسة افتتاح مجلس الأمة في إدارتها وانتخابات الرئاسة واللجان، بفضل التنسيق والتعاون والتضحية من البعض للمصلحة العليا.
كنا نتمنّى أن يتنازل النائب محمد المطير للنائب مرزوق الحبيني الذي أدار الجلسة باقتدار وحِكمة أذهلت الجميع. لكن للأسف النقطة السوداء في يوم جلسة الافتتاح كانت انتخابات نائب الرئيس وكيف كانت المجاملات على حساب المصلحة العليا هي أساس في الاختيار.
جرّبنا النائب محمد المطير وكان «كخيال المآتة»، لا فائدة من وجوده غير اكتمال الشكل. فالتغير كان ضرورياً للمرحلة المقبلة وأيضاً ضرورياً ليتفرغ النائب محمد المطير لملفه الأسود وحرب الطواحين.
قادة
للأسف، استمرار الحكومة في سياستها تبديل القيادات في الوزارات والمؤسسات والهيئات تحت بند «هذا موالي وهذا تابع لفلان» خلق جواً من التبلد الإداري في الوزارات والمؤسسات الحكومية.
فلا تستغرب إذا اجتمعت إلى مسؤول (معيّن بصفة موقتة) أنه لا يستطيع أن يعطيك قراراً أو يفكر بحل مشكلة إدارية في المؤسسة أو الوزارة. لماذا؟ ببساطة «خايف ينشال أو يحطون واحد غيره بالأصالة»، حتى إن بعضهم بدأ بمنع نفسه من الذهاب لمواجب اجتماعية عزاء أو زواج خوفاً من أن يشاهد هناك ويقال إنه محسوب على فلان أو علان للأسف. حذرنا في أكثر من مقال أن اعتبار القادة والمسؤولين عناصر تابعة وميليشيات «العهد القديم»، حتى بعض أبناء الأسرة الحاكمة لم يسلموا من التطهير الإداري في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وهذا النهج سيؤدي في آخر الأمر إلى دمار المؤسسات الحكومية.
متى نعرف ونعترف أنه آن الأوان لتعديل وضع ناقل الحركة (الجير) في الدولة من وضع «R» إلى وضع «D»، كفانا رجوع للخلف البلد بحاجة إلى قادة تدير وتطور وتنمي مؤسساته، كلهم أبناء هذا الوطن الجميل.
دعوة
دعوة كريمة أطلقها السفير جاسم المباركي رئيس الديوان الوطني لحقوق الإنسان بإلغاء نظام الكفيل في دولة الكويت لما يسببه من إساءة لسمعة الكويت الدولية خاصة في ما يتعلق بتجار الإقامات.
نتمنى على الحكومة الجديدة أن تأخذ هذه الدعوة بجدية أكبر وتبحث عن بديل لنظام الكفيل، وأعتقد أن النظام المتبع في دولة قطر الشقيقة مميز وتمت تجربته. فلو تم الاطلاع على التجربة القطرية ودراسة إمكانية تطبيقها في دولة الكويت، يمكن أن تكون قاعدة لبناء نظام للعمالة الوافدة.
وعلى الخير نلتقي،،،