لا أحب النظرة القاتمة السوداوية لكل شيء، فالحياة فيها الحلو والمُر، وفيها الشقاء والسعادة، وفيها اللقاء والفراق، وفيها التجمع والشتات.
فيها العدو والصديق، وفيها النجاح والفشل، وفيها العُسر واليُسر.
فيها الحب والكره، وفيها الوفاء والغدر، وفيها الانتصار والهزيمة.
تَمُرّ بالإنسان لحظات يتمنّى فيها الموت، ويرى أن باطن الأرض خير من ظاهرها، وتَمُرّ به ساعات أخرى يعتقد بأنه فيها أسعد إنسان في الدنيا.
سبحان من أضحك وأبكى وأمات وأحيا وعافى وابتلى وأسعد وأشقى.
في الحياة مشاهد مؤذية ومؤسفة ومحزنة، كمظاهر التفسخ الأخلاقي، والاستبداد فوق رؤوس العباد، والتعدّي على دماء وأعراض وأموال المسلمين، ووقوع مدن وبلدان عربية وإسلامية عدة تحت الاحتلال.
لكن في المقابل، هناك مناظر تبهج لها النفوس وتفرح لها القلوب ويطيب لها الخاطر، كانتشار الحجاب، وعودة الشباب للتمسك بمبادئ الدّين، وغيرة المسلمين على الحرمات، ووصول شخصيات أو أحزاب إسلامية أو محافظة إلى رئاسة الدول أو الحكومات.
فرحنا بوصول مجموعة من النواب إلى مجلس الأمة الكويتي من أصحاب التوجهات الإسلامية والمحافظة والوطنية، والتي سيكون لها تأثيرها بإذن الله في نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة، والتصدي للفساد بجميع صوره وأشكاله.
نرى حراكاً واسعاً في مواجهة المحتل الصهيوني في مدن عدة في فلسطين المحتلة، فلم تَعُدْ غزة وحدها هي التي تقاوم، فما بين فترة وأخرى نسمع عن عملية دهس لصهيوني في الضفة، وطعن في القدس، ورمي بالرصاص في نابلس، وإطلاق للصواريخ من غزة، وكلها مقدمات بإذن الله ليوم التحرير.
كان النبي عليه الصلاة والسلام يُحِبّ الفأل ويكره التشاؤم، وكان يتفاءل حتى في أحلك الظروف، فقد طمأن صاحبه أبا بكر، وهما في الغار خلال الهجرة فقال (لا تحزن إن الله معنا).
ووعد سراقة بسواري كسرى، برغم أنه كان مطارداً في الهجرة، وبشّر بفتح الشام وبلاد فارس واليمن أثناء حفر الخندق قبيل غزوة الأحزاب.
وأخبر عن فتح القسطنطينية (اسطنبول اليوم) قبل أن يقع ذلك في السنة 857 للهجرة الموافق للعام 1453 الميلادي.
من هنا لا بد من التفاؤل واليقين بأن ما بعد الشدة إلا الرخاء، وأن العسر سيعقبه اليسر، وأن الفجر سيبزغ مهما طال الليل.
دع المقادير تجري في أعنّتها... ولا تَبيتَنّ إلا خاليَ البال
فما بين غمضة عَيْنٍ وانتباهتها... يُبَدّل الله مِنْ حالٍ إلى حال.