أضواء

غرق الإنسانية في البحر المتوسط

تصغير
تكبير

غرق قارب اللاجئين قبالة السواحل اليونانية وعلى متنه قرابة 750 لاجئاً من بينهم 100 طفل، من مختلف الجنسيات بما فيها العربية، يعد من أسوأ المآسي الإنسانية. بلغ عدد المفقودين 500 شخص مع انتشال بضع عشرات بينهم أطفال ونساء. تحوم الشكوك حول قوات خفر السواحل اليونانية في عدم تقديم المساعدة اللازمة لإنقاذ اللاجئين بعد توقف محرك قاربهم وهروب الملّاحين منه.

يفيد بعض الناجين أن قوات خفر السواحل اليونانية قامت بسحب القارب من الجانب، الأمر الذي أدى لانقلابه في مياه البحر العميقة التي تعتبر من أعمق المياه في بحر المتوسط، وهي إفادة دعمتها منظمة العفو الدولية،

ولعله كان سبباً لدعوة الاتحاد الأوروبي لإجراء تحقيق حول الحادثة، حيث إن الأحوال الجوية كانت هادئة وكان القارب في حالة طبيعية في رحلته إلى حين اقترابه من السواحل اليونانية التي حدثت عندها المأساة.

ما يعزز الإشارة بأصابع الاتهام إلى مسؤولية قوة خفر السواحل اليونانية أن اليونان من أشد دول الاتحاد الأوروبي التي تعامل اللاجئين معاملة سيئة وغير إنسانية، وقد شاهدنا لقطات مصورة لقوات خفر السواحل اليونانية وهي توجه خراطيم المياه لقوارب اللاجئين لمنعهم من الاقتراب من السواحل اليونانية.

في العام 2020 التهمت النيران مخيم «موريا» للاجئين في جزيرة «ليسبوس» اليونانية وتحوم الشكوك حول سكان الجزيرة في إضرام النيران في المخيم لطردهم منها، مع أن اللاجئين في المخيم كانوا يشكون من تكدّس أعدادهم ومن سوء المعاملة وتدني الخدمات.

طلب مفوضيّة الاتحاد الأوروبي إجراء تحقيق في حادث غرق القارب هو مجرد محاولة للفت الانتباه باهتمام المفوضية بالحادث ولن تفرض أي عقوبات على اليونان في حال ثبوت تسبّبها في الحادث، فغالبية الحكومات الأوروبية تضم عناصر من أحزاب يمينية متطرّفة تعارض وجود اللاجئين على أراضيها، وتتخذ من رفض الهجرة أو استقبال اللاجئين شعاراً انتخابياً في تحقيق الوصول إلى البرلمان والحكومة وقد حققت هذه الأحزاب مكاسب كثيرة حتى أن اليمينية الفرنسية مارين لوبان دخلت سباق الرئاسة كمنافسة للرئيس ماكرون، كما تقلّدت اليمينيّة جورجيا ميلوني منصب رئيس الوزراء وهي من حزب «اخوة إيطاليا» القومي المتطرّف والمتعهدة بمنع مراكب المهاجرين من عبور البحر المتوسط، وهنا تنكشف أكذوبة إنسانية الاتحاد الأوروبي!

من المفارقات العجيبة أن آلاف اليونانيين في الحرب العالمية الثانية فروا هرباً من الغزو النازي إلى مدينة حلب السورية دون أن يتعرّضوا لأذى من جانب أهالي المدينة الذين بادروا بقبولهم كلاجئين وقدّموا لهم كل ما يحتاجونه لتأمين حياتهم المعيشية، في حين قابل اليونانيون - ناكري المعروف - اللاجئين السوريين الفارين من البراميل المتفجرة للنظام السوري القمعي بالتخلّص منهم بإغراق القارب الذي كانوا ضمن لاجئيه!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي